ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ الْقِيمَةِ بِنَفْسِ الْإِتْلَافِ وَإِسْلَامُهُمَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَ ذَلِكَ وَفِي الْخَمْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْمَنَانِ الْقِيمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى إسْلَامِ الْمُسْلِمِينَ الْمَطْلُوبِ بَعْدَ إتْلَافِ الْخَمْرِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْغَصْبِ وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ الشَّاهِدَانِ وَأَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ وَلَمْ يَضْمَنَا الْخَمْرَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمَا مِثْلُ الْخَمْرِ وَإِسْلَامُ الطَّالِبِ يُسْقِطُ الْخَمْرَ لَا إلَى بَدَلٍ فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِمَا طَالِبٌ فَأَمَّا إتْلَافُ الْخِنْزِيرِ يُوجِبُ الْقِيمَةَ وَإِسْلَامُ الطَّالِبِ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا وَاسْتِيفَاءَهَا
وَلَوْ شَهِدَ ذِمِّيَّانِ بِمَالٍ عَلَى ذِمِّيٍّ وَأَسْلَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يَقْضِ بِهَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَوْ اقْتَرَنَ بِشَهَادَتِهِمَا مُنِعَ الْعَمَلُ بِهَا فَكَذَلِكَ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهَذَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي إلَّا بِحُجَّةٍ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ
وَإِذَا شَهِدَ مَحْدُودَانِ بِقَذْفٍ بِشَهَادَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَتَّى قَضَى بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ مِنْ رَأْيِهِ إمْضَاؤُهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْقَضَاءَ وَيَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ الْخَطَأُ فِي قَضَائِهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ إنَّمَا يَنْفُذُ إذَا صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ اجْتِهَادٍ وَإِنَّمَا كَانَ عَنْ تَلْبِيسٍ وَاشْتِبَاهٍ لَمْ يَنْفُذْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْجَامِعِ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ قَضَاءَهُ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَافِذٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ اجْتِهَادٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ قَضَاءَهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْخَطَأُ بِيَقِينٍ وَفِي الِاجْتِهَادِ لَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فَعَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ هُنَا أَيْضًا
(قَالَ) وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ أَوْ أَعْمَيَانِ أَمَّا فِي الْعَبْدَيْنِ وَالْكَافِرَيْنِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ قَضَاءَهُ كَانَ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَفِي الْأَعْمَيَيْنِ الْجَوَابُ مِثْلُ الْجَوَابِ فِي الْمَحْدُودَيْنِ فِي الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ حَصَلَ فِيمَا هُوَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاجْتِهَادَ وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَعْنِي رَدَّ الْقَضَاءِ وَأَخْذَ الْمَالِ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ مِلْكًا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَلَا يُمْنَعُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا بِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ بَلْ هُوَ كَالنَّسَبِ فَلَا يَكُونُ عِوَضًا عَمَّا أَتْلَفَا عَلَيْهِ مِنْ مِلْكِ الْمَالِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ دَبَّرَهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا حَقَّ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا حَقَّ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ وَبِذَلِكَ يُنْقَضُ مِلْكُ الْمَالِيَّةِ لِلْمَوْلَى فَيَضْمَنَانِ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ مِقْدَارَ نُقْصَانِ التَّدْبِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى يَخْرُجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute