للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَعُوا جَمِيعًا ضَمِنَ شَاهِدُ الْيَمِينِ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَالِ حَصَلَ بِشَهَادَةِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا وَلَكِنَّا نَقُولُ شُهُودُ الْيَمِينِ أَثْبَتُوا بِشَهَادَتِهِمْ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعِتْقِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَشُهُودُ الدُّخُولِ إنَّمَا أَثْبَتُوا شَرْطَ الْعِتْقِ وَالشَّرْطُ لَا يُعَارِضُ الْعِلَّةَ فِي إحَالَةِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى عِلَّتِهِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِهَا شَرْعًا وَإِلَى الشَّرْطِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الشَّرْطِ لَا بِهِ وَالْمَجَازُ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ بَلْ مَتَى كَانَتْ الْعِلَّةُ صَالِحَةً لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا لَا يُضَافُ شَيْءٌ إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ نَظِيرُ حَافِرِ الْبِئْرِ مَعَ الْمُلْقِي فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُلْقِي دُونَ الْحَافِرِ وَعَلَى الْقَائِدِ دُونَ الْمُمْسِكِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي مَسْأَلَةِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ لَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِالشَّرْطِ ثُمَّ رَجَعَا ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقَالُوا إنَّ الْعِلَّةَ لَا تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا هُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تَتَعَدَّى فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ يُجْعَلُ خَلَفًا عَنْ الْعِلَّةِ هُنَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَيْهِ وُجُودًا عِنْدَهُ وَشَبَهُ هَذَا حَفْرُ الْبِئْرِ وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ.

وَهَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ مُبَاشَرَةُ الْإِتْلَافِ لِلْمَالِيَّةِ، وَعِنْدَ وُجُودِ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ الْحُكْمُ يُضَافُ إلَيْهِ دُونَ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ فَالْعِلَّةُ هُنَاكَ ثِقَلُ الْمَاشِي وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ فِي شَيْءٍ فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْإِتْلَافُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ إزَالَةُ الْمَسْكَةِ بِحَفْرِ الْبِئْرِ الَّذِي فِي الطَّرِيقِ

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مُدَبَّرٍ مِنْهُ وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَلْبَتَّةَ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا فَضَمَانُ الْقِيمَةِ عَلَى شَاهِدَيْ الْعِتْقِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ كَانَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ الْعِتْقِ فَمَنَعَ جَرَّ الْعِتْقِ الْمُضَافِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا التَّدْبِيرِ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَا الْعِتْقِ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا نَقَصَهُ التَّدْبِيرُ ذَلِكَ الْجَرُّ تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمَا حِينَ قَضَى بِهَا الْقَاضِي وَيَضْمَنُ شَاهِدَا الْعِتْقِ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا مَالِيَّةَ الْمَوْلَى بِشَهَادَتِهِمَا، وَعِنْدَ شَهَادَتِهِمَا كَانَ هُوَ مُدَبَّرًا فَيَضْمَنَانِ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ كَانَ شَاهِدَا الْعِتْقِ عَلَى الثِّيَابِ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَأَعْتَقَهُ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنَ شَاهِدُ الْعِتْقِ قِيمَتَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ شَاهِدَيْ التَّدْبِيرِ مَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَنَّ الْقَاضِيَ أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ بِالتَّدْبِيرِ حِينَ قَامَتْ الْحُجَّةُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا حَصَلَ تَلَفُ الْمَالِيَّةِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ الْعِتْقِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>