للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَهَادَتِهِمْ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَةِ الْفَرِيقِ الثَّانِي بَعْدَ مَا قَضَى بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ بِشَهَادَةِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَلَوْ شَهِدَ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِالطَّلَاقِ فِي وَقْتٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الطَّلَاقِ تُقْبَلُ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَتَبَيَّنَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الْفَرِيقَ الْأَوَّلَ مَا أَكَّدَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُمَا وَلَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَوْلَى ثُمَّ دَخَلَ الْعَبْدُ الدَّارَ فَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا سَبَبَ إتْلَافِ الْمَالِيَّةِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهُوَ الْيَمِينُ فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ إنَّمَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ بِالْيَمِينِ لَا بِوُجُودِ الشَّرْطِ

وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ قِيمَتُهُ وَقَالَ الْمَوْلَى كَاتَبْتُهُ عَلَى أَلْفَيْنِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَأَدَّاهَا ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُضَمِّنُهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ فَمَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ إنَّمَا لَزِمَهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَدَّعِ الْمُكَاتَبَةَ وَقَالَ مَوْلَاهُ كَاتَبْتُهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَجَحَدَ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَتْ مُلْزِمَةً وَهَذِهِ بَيِّنَةٌ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ لِيَفْسَخَ الْكِتَابَةَ فَلَا مَعْنَى لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمَوْلَى عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْمُكَاتَبِ إنْ شِئْتَ فَامْضِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْهَا وَكُنْ رَقِيقًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ يَدَّعِي الْعَبْدُ الْكِتَابَةَ فَنَّدَ دَعْوَاهُ الْكِتَابَةَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مِقْدَارُ الْأَلْفَيْنِ بِشَهَادَتِهِمَا فَلِهَذَا وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ يَدَّعِي أَنَّهُ حُرٌّ فَجَاءَ الْمَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَدَّى الْمَالَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا الْأَلْفَيْنِ لِلْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ الْأَلْفَيْنِ بِشَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ حُرٌّ وَقَدْ أَقَرَّ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ الْأَلْفَيْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ لَهُ ذَلِكَ

وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ فَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا مَا أَلْزَمَاهُ مَالًا بِالشَّهَادَةِ إنَّمَا أَبْطَلَا حُرِّيَّتَهُ وَأَلْزَمَاهُ الرِّقَّ بِشَهَادَتِهِمَا وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يُضْمَنُ بِالْمَالِ بِالشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ ثُمَّ الْعَبْدُ الْتَزَمَ الْمَالَ بِاخْتِيَارِهِ حِينَ قَبِلَ الْعِتْقَ بِجُعْلٍ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَلْزَمَهُ الْمَالَ هُنَاكَ يُوَضِّحُهُ أَنَّهُمَا لَوْ ضَمِنَا إنَّمَا يَضْمَنَانِ بِاعْتِبَارِ قَضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>