للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْقُ

وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا وَمُقِيمًا نَسِيَا صَلَاةً فَأَمَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَمَا تَذَكَّرَا فَإِنْ أَمَّ الْمُسَافِرُ الْمُقِيمَ جَازَ، وَإِنْ أَمَّ الْمُقِيمُ الْمُسَافِرَ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْفَرْقَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إنَّ اقْتِدَاءَ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ يَجُوزُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا يَجُوزُ فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِالِاقْتِدَاءِ وَاقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ يَجُوزُ فِي الْوَقْتِ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ يَتَغَيَّرُ بِالِاقْتِدَاءِ

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الْفَجْرَ فَجَعَلَ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَسْجُدُ قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ وَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَجَدَ قَبْلَهُ وَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ فَلَمَّا سَجَدَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ الرَّجُلُ يَنْوِي الثَّانِيَةَ كَانَتْ هَذِهِ هِيَ السَّجْدَةُ الْأُولَى فِي حَقِّهِ فَإِنَّمَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَجَدَ قَبْلَ الْإِمَامِ ثُمَّ سَجَدَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ هُوَ رَأْسَهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَيْءٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَدْرَكَهُ فِي آخِرِ السَّجْدَةِ فَقَدْ وُجِدَتْ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ جَمِيعًا، وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِأَدَاءِ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ يَكُونُ مُصَلِّيًا رَكْعَةً فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أُخْرَى فَعَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ مَا بَيَّنَّا

وَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً وَتَرَكَ مِنْهَا سَجْدَةً ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى بِسَجْدَتَيْنِ فَهُمَا لِهَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تَتَقَيَّدُ بِالسَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ فَقَدْ سَجَدَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَوَانِهَا فَيَكُونُ سُجُودُهُ عَنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجْدَةُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى صَارَتْ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا فَلَا تَتَأَدَّى بِدُونِ النِّيَّةِ

فَإِنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَمَا تَغَيَّرَتْ الشَّمْسُ لَمْ يُجْزِئْهُ عِنْدَنَا عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَلْيُصَلِّ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ» وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ «مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ أُسْبُوعًا ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ طَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ أُسْبُوعًا فَقَالَ: عَطَاءٌ: اُرْمُقُوا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ يُصَلِّي؟ فَرَمَقُوهُ فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ طَافَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أُسْبُوعًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ بِذِي طُوًى وَارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: رَكْعَتَانِ مَكَانُ رَكْعَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَجِبُ بِسَبَبٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>