مِنْ سِتَّةٍ يَضْرِبُ مُدَّعِي الْكُلِّ بِسِهَامِ الدَّارِ سِتَّةً وَمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ بِسِهَامِ الثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةً وَمُدَّعِي النِّصْفِ بِثَلَاثَةٍ فَيَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقِسْمَةُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ، وَلَا مُنَازَعَةَ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَالثُّلُثَيْنِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي ذَلِكَ فَيُسَلَّمُ لَهُ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَيَكُونُ بَيْنَ صَاحِبِ الْجَمِيعِ وَالثُّلُثَيْنِ نِصْفَيْنِ يَبْقَى سِتَّةٌ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمْ فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَيُسَلِّمُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ سُدُسَ الدَّارِ؛ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ رُبُعَ الدَّارِ؛ وَلِمُدَّعِي الْجَمِيعِ مَا بَقِيَ وَذَلِكَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ
قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا وَالْآخَرُ جَمِيعَهَا فَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْصَرِفٌ إلَى مَا فِي يَدِهِ أَوَّلًا لِيَكُونَ يَدُهُ مُحِقَّةٌ فِي حَقِّهِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ حَمْلَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ فَصَاحِبُ النِّصْفِ لَا يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ، وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالدَّارُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ اجْتَمَعَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ، وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ
قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ، وَاسْتُحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَنَكَلَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقِسْمَةُ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمْ فَتَكُونُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ الدَّارِ، وَدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْصَرِفُ إلَى مَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ فِيمَا فَضَلَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ، وَلَا بَيِّنَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا فِي يَدِهِ فَأَمَّا الثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ لَا بَيِّنَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي الْجَمِيعَ، وَصَاحِبُ النِّصْفِ يَدَّعِي الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الثُّلُثَيْنِ ثُلُثٌ فِي يَدِهِ وَثُلُثٌ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ دَعْوَاهُ فِيمَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الثُّلُثِ فَيُسَلِّمُ نِصْفَ هَذَا الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِاسْتِوَاءِ مُنَازَعَتِهِمَا فِيهِ فَصَارَ هَذَا الثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَالثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ صَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي جَمِيعَهُ، وَصَاحِبُ النِّصْفِ يَدَّعِي رُبُعَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي النِّصْفَ وَالثُّلُثَ فِي يَدِهِ فَإِنَّمَا بَقِيَ الثُّلُثُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَكَانَ دَعْوَاهُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ السُّدُسِ، وَذَلِكَ رُبُعُ مَا فِي يَدَيْهِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا فِي يَدِهِ سَالِمٌ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ، وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الرُّبُعِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَمَا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ يَدَّعِي صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ نِصْفَهُ وَصَاحِبُ النِّصْفِ رُبُعَهُ وَفِي الْمَالِ سِعَةٌ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute