للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ ادَّعَى الصَّدَقَةَ مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولَ جَحَدَنِي الصَّدَقَةَ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِهَا لَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ الشَّهَادَةَ مُخَالِفَةٌ لِلدَّعْوَى إلَّا أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ فَقَدْ يَجْحَدُ الْمُتَصَدِّقُ الصَّدَقَةَ فَيَشْتَرِيَهَا مِنْهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ التَّوْفِيقِ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَلْفًا وَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ الْمُدَّعِي فَيَقُولُ كَانَ حَقِّي أَلْفًا، وَخَمْسَمِائَةٍ، وَلَكِنِّي اسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الشُّهُودُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَفِّقَ فَيَقُولُ جَحَدَنِي الصَّدَقَةَ مُنْذُ سَنَةٍ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ مُنْذُ شَهْرٍ، وَقَالَ جَحَدَنِي الشِّرَاءَ فَسَأَلْته فَتَصَدَّقَ عَلَيَّ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا تَوْفِيقٌ صَحِيحٌ يَنْعَدِمُ بِهِ التَّنَاقُضُ، وَإِكْذَابُ الشُّهُودِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمِيرَاثَ مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ سَنَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى شِرَائِهَا مِنْ ذِي الْيَدِ مُنْذُ شَهْرٍ فَقَالَ جَحَدَنِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَهَذَا تَوْفِيقٌ صَحِيحٌ.

وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَمَةً فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِعَبْدِي هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، ثُمَّ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُطْلَقًا أَوْ مُنْذُ شَهْرٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا وَفَّقَ أَوْ قَالَ حِينَ جَحَدَنِي الشِّرَاءَ بِالْعَبْدِ فَاشْتَرَيْتهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَمَا قُمْنَا مِنْ مَجْلِسِك أَيُّهَا الْقَاضِي وَالْبَيْعُ الثَّانِي يَنْقُضُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ فَيَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ عِنْدَ هَذَا التَّوْفِيقِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْيَدِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ فَالتَّوْفِيقُ غَيْرُ مُمْكِنٍ إنْ شَهِدُوا بِالشِّرَاءِ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَارِيخَ بَيْنَ الْعَقْدِ الْمُدَّعَى، وَالْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِنْ شَهِدُوا بِالشِّرَاءِ بِأَلْفٍ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُدَّعَى كَانَ بَعْدَهُ بِزَعْمِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ يَنْقُضُ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ فَلَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْعَقْدِ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَمْ تَقُمْ بِهِ فَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ

قَالَ فَإِنْ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لَهُ وَشَهِدَ شُهُودُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَدِ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ أَوْ، وَهَبَهُ ذُو الْيَدِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ مَعْنًى لَا لَفْظًا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ أَدَّعِي عَلَيْهِ كَذَا، وَالشَّاهِدُ يَقُولُ أَشْهَدُ عَلَيْهِ بِكَذَا، وَالْمُوَافَقَةُ مَعْنًى مَوْجُودٌ هُنَا؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْمِلْكَ، وَقَدْ شَهِدُوا لَهُ بِالْمِلْكِ مَعَ بَيَانِ سَبَبِهِ، وَلَا بُدَّ لِلْمِلْكِ مِنْ سَبَبٍ فَبَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ مِنْ الشُّهُودِ فِي الشَّهَادَةِ إنْ لَمْ يُؤَكِّدْ شَهَادَتَهُمْ بِالْمِلْكِ لَا تَنْدَفِعُ بِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ ذِي الْيَدِ وَشَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>