للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ عَيْنِهَا، وَقَدْ غَرِمَ بِفِعْلِهِ جَمِيعَ بَدَلِ نَفْسِهَا وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ بَدَلِ الْجُزْءِ كَمَنْ قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ خَطَأً، ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً قَبْلَ الْبُرْءِ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا الِابْنُ حَامِلًا فَوَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِيَوْمٍ فَادَّعَاهُ أَبُوهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ إذَا أَكْذَبَهُ الِابْنُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ الْأَبِ بِشَرْطِ تَمَلُّكِهَا عَلَى الِابْنِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَادُ هَذَا الشَّرْطِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ الْعُلُوقِ مَا كَانَتْ فِي مِلْكِ الِابْنِ، وَلَا كَانَ لِلْأَبِ فِيهَا وِلَايَةُ النَّقْلِ إلَى نَفْسِهِ لِحَاجَةٍ؛ وَلِأَنَّ دَعْوَتَهُ هُنَا دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ، وَلَا كَانَ لِلْأَبِ فِيهَا وِلَايَةٌ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةُ الْإِعْتَاقِ فِي مَالِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّ دَعْوَتَهُ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فَقَالَ لَوْ جَعَلْتُهُ ابْنَهُ لَمْ أُضَمِّنْهُ قِيمَةَ الْأُمِّ لِتَعَذُّرِ تَمَلُّكِهِ عَلَيْهِ إيَّاهَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَكُلُّ وَلَدٍ لَا يَضْمَنُ الْأَبُ فِيهِ قِيمَةَ الْأُمِّ فَهُوَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الِابْنُ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ إذَا ادَّعَاهُ فَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَمَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ مُحْتَمَلٌ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ حَقٌّ

وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهَا الِابْنُ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ أَبُ الْبَائِعِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ لِتَعَذُّرِ إيجَادِ شَرْطِهِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْأُمَّ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْوَلَدِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهَا بَعْدَ الْعُلُوقِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ دَعْوَتِهِ تَمَلُّكُهَا عَلَيْهِ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِمَا تَخَلَّلَ مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الِابْنِ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ بِحَبَلٍ فِي مِلْكِ مَوْلَاهَا، وَتَلِدُ فَادَّعَى الْوَلَدَ الْأَوَّلَ أَبُوهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الشَّرْطُ وَهُوَ النَّقْلُ إلَى مِلْكِ الْأَبِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ مُتَعَذَّرٌ فِي الْمُدَبَّرَةِ.

وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ الْمَوْلَى فَادَّعَاهُ أَبُوهُ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الْمُدَبَّرَةِ أَنَّ دَعْوَةَ الْأَبِ صَحِيحَةٌ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدُ مِنْهُ يَضْمَنُ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ مُدَبَّرًا، وَهَذَا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ الْجَارِيَةَ، وَلَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ فِي دَعْوَى النَّسَبِ، وَفِي هَذَا الْقِنَّةُ وَالْمُدَبَّرَةُ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا انْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ انْفَصَلَ مُدَبَّرًا فَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَتْلَفَهُ بِدَعْوَتِهِ وَفَرَّقَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ فَقَالَ: وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ مَوْلَاهَا لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الْفِرَاشِ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ دَعْوَةِ الْأَبِ، وَإِنْ نَفَاهُ الْمَوْلَى كَمَا فِي وَلَدِ الْمُلَاعِنَةِ فَأَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ غَيْرُ ثَابِتِ النَّسَبِ مِنْ مَوْلَاهَا فَتَصِحُّ دَعْوَةُ أَبِيهِ فِيهِ.

وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ يَدَّعِيهِ أَبُ مَوْلَاهَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ عَلَى ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ شَرْطِ صِحَّةِ الدَّعْوَةِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ أَوْ كَاتَبَهَا بَعْدَ مَا وَلَدَتْ أَوْ كَاتَبَ الْوَلَدَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>