وَزْنِ سَبْعَةٍ لَمْ يَكُنْ نَصٌّ مِنْ لَفْظِهِ إنَّمَا كَانَ بِالْعُرْفِ الظَّاهِرِ فِي مُعَامَلَةِ النَّاسِ بِهِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْأَوْقَاتِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عُرْفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ سِوَى الْإِقْرَارِ. وَإِنْ اُدُّعِيَ وَزْنٌ دُونَ الْمُتَعَارَفِ كَمَا فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا إذَا ذَكَرَهُ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهَا نَقْدًا بِعَيْنِهِ يَنْصَرِفُ مُطْلَقُ الْإِقْرَارِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَعْضُ غَالِبًا عَلَى الْبَعْضِ يَنْصَرِفُ إقْرَارُهُ إلَى الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقَّنٌ بِهِ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ لَا يُقْضَى إلَّا بِقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ بَيَّنَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقَّنٌ بِهِ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ لَا يُقْضَى إلَّا بِقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُقِرَّ بَيَّنَ الْأَوَّلَ لَا مَحَالَةَ. وَهَذَا بَيَانُ التَّفْسِيرِ حِينَ اسْتَوَتْ النُّقُودُ فِي الرَّوَاجِ، وَبَيَانُ التَّفْسِيرِ صَحِيحٌ مَفْصُولًا كَانَ أَوْ مَوْصُولًا كَبَيَانِ الزَّوْجِ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ.
وَلَوْ قَالَ بِالْكُوفَةِ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ بِيضٌ عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ: هِيَ تَنْقُصُ دَانِقًا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِهِ انْصَرَفَ إلَى الْإِقْرَارِ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ فَدَعْوَاهُ النُّقْصَانَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِبَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يَصِحُّ إلَّا مَوْصُولًا.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إسبهبدية عَدَدًا، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ هَذِهِ الصِّغَارَ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ مِنْ الإسبهبدية؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إسبهبدية يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ النَّوْعِ كَقَوْلِهِ " سُودٌ " يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ الصِّفَةِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْوَزْنُ والإسبهدية فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ مَعْنَاهُ اسبه سالادية. وَالصِّغَارُ هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ النَّاسُ مَهْرًا تَكُونُ سِتَّةٌ مِنْهُ بِوَزْنِ دِرْهَمٍ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ نُقْصَانِ الْوَزْنِ مَفْصُولًا عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَلَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مِنْ السُّودِ الْخِيَارِ، ثُمَّ قَالَ هِيَ وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَقَالَ الطَّالِبُ: هِيَ مَثَاقِيلُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ تَسْمِيَةَ الدَّرَاهِمِ بَيَانٌ لِلْوَزْنِ، وَقَوْلُهُ " مِنْ السُّودِ " بَيَانٌ لِلصِّفَةِ، وَقَوْلُهُ " الْخِيَارِ " بَيَانُ الْعَرْضِ وَبِهِ لَا يَزْدَادُ الْوَزْنُ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ زِيَادَةً عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ فَهُوَ عَلَى وَزْنِ سَبْعَةٍ وَوَصْفُهُ بِالصِّغَرِ إمَّا لِلْأَثْقَالِ أَوْ لِصِغَرِ الْحَجْمِ وَبِهِ لَا يُنْتَقَصُ الْوَزْنُ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَأَدْنَى الْجَمْعِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَلَا غَايَةَ لِأَقْصَاهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَدْنَى؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِقْرَارَ إيجَابٌ لَا يُقَابِلُهُ الِاسْتِيجَابُ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ فِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ مِمَّا يُلْفَظُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمَاتٌ فَهُوَ تَصْغِيرٌ بِجَمْعِ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا التَّصْغِيرُ لَا يَنْقُضُ الْوَزْنَ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ فُلَيْسٌ أَوْ قُفَيْزٌ أَوْ رُطَيْلٌ فَهُوَ وَقَوْلُهُ " فَلْسٌ، وَقَفِيزٌ، وَرِطْلٌ " سَوَاءٌ يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى التَّمَامِ مِنْ ذَلِكَ وَزْنًا وَكَيْلًا.
وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَاقِيلَ كَمَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute