وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تُنَفَّذُ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْعَافِي فَلِهَذَا يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ رَدَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بِحُكْمِ بَعْضِ الْهِبَةِ فِيهَا وَيَدْفَعُ خُمُسَ الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ وَيَبْقَى فِي يَدِهِ خُمُسٌ هُوَ سَالِمٌ لَهُ، ثُمَّ مَا اجْتَمَعَ فِي يَدِ الِابْنَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْعَافِي مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ سَبْعَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُنَفَّذَ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُنَفَّذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَكِنْ نَفَّذَهَا فِي خُمُسَيْ الْعَبْدِ هُنَا لِضَرُورَةِ الدَّوْرِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ فِي الْأَصْلِ يُجْعَلُ عَلَى سِتَّةٍ لِحَاجَتِنَا إلَى ثُلُثٍ يَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ حَتَّى يُدْفَعَ النِّصْفُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، وَهُوَ الثُّلُثُ، ثُمَّ يُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ أَحَدُهُمَا إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةٌ
وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَظْهَرُ زِيَادَةُ سَهْمٍ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَهَذَا غَائِرٌ لِأَنَّكَ كُلَّمَا زِدْتَ فِي تَنْفِيذِ الْهِبَةِ يَزْدَادُ الْمَدْفُوعُ بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَزَالُ يَدُورُ كَذَلِكَ وَالسَّبِيلُ فِي الدَّوْرِ أَنْ يُقْطَعَ وَطَرِيقُ الْقَطْعِ طَرْحُ السَّهْمِ الزَّائِدِ مِنْ جَانِبِ مَنْ خَرَجَ مِنْ قِبَلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّهْمَ يُبَاعُ بِالْفَسَادِ فَالسَّبِيلُ نَفْيُهُ فَيُطْرَحُ مِنْ أَصْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا فَتُرْجَعُ سِهَامُ الْعَبْدِ فَتُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي سَهْمَيْنِ، ثُمَّ يُدْفَعُ أَحَدُهُمَا بِالْجِنَايَةِ فَحَصَلَ عِنْد الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةٌ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْهِبَةَ فِي سَهْمَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَإِنَّمَا قَسَّمْنَا أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ بَيْنِ الِابْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ سِهَامَ الْعَبْدِ لَمَّا صَارَتْ عَلَى خَمْسَةٍ فَحَقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ، ثُمَّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ أَخَذَ سَهْمًا آخَرَ أَيْضًا فَيَصِيرُ حَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفٍ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْهِبَةِ يُقَسَّمُ عَلَى أَصْلِ حَقِّهِمَا، وَقَدْ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَأَضْعَفَهُ لِيَزُولَ الْكَسْرُ فَاَلَّذِي كَانَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَنِصْفٌ صَارَ حَقُّهُ سَبْعَةً وَاَلَّذِي كَانَ لَهُ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ صَارَ حَقَّةُ خَمْسَةً فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا.
وَطَرِيقُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُجْعَلَ الْعَبْدُ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ تُنَفَّذُ الْهِبَةُ فِي دِرْهَمَيْنِ وَيُدْفَعُ أَحَدُهُمَا إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَصِيرُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا وَحَاجَتُهُمْ إلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَاجْعَلْ الدِّرْهَمَ قِصَاصًا بِمِثْلِهِ يَبْقَى فِي يَدِهِمْ دِينَارٌ يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَاقْلِبْ الْفِضَّةَ وَاجْعَلْ آخِرَ الدَّرَاهِمِ آخِرَ الدَّنَانِيرِ فَتَصِيرُ الدِّينَارُ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَالدِّرْهَمُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، ثُمَّ عُدْ إلَى الْأَصْلِ فَتَقُولُ كَمَا جَعَلْنَا الْعَبْدَ دِينَارًا، وَذَلِكَ بِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَدِرْهَمَيْنِ كُلٌّ وَاحِدٌ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ، ثُمَّ نَفَّذْنَا بِالْهِبَةِ فِي دِرْهَمَيْنِ، وَذَلِكَ خُمُسَا الْعَبْدِ وَاَلَّذِي حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ دِينَارٌ وَبِمَعْنَى ثَلَاثَةٍ وَدِرْهَمٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَيَسْتَقِيمُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ وَطَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ فِيهِ أَنْ تُنَفَّذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute