أَقْرَرْتُ لَكَ بِأَلْفٍ أُخْرَى، وَقَدْ سَاعَدَنِي فِيهِ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ نِصْفُهُ فِي يَدِي وَنِصْفُهُ فِي يَدِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ يُسَلَّمُ لَكَ مِنْ جِهَتِهِ فَيُعْطِيهِ نِصْفَ الْأَلْفِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى مِنْهُ ثُلُثَ الْأَلْفِ مَرَّةً وَنِصْفَ الْأَلْفِ مَرَّةً أُخْرَى، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ، ثُمَّ يَأْتِي إلَى الْأَكْبَرِ وَيَقُولُ: إنَّكَ قَدْ أَقْرَرْتَ أَنَّ الدَّيْنَ يُحِيطُ بِالتَّرِكَةِ وَلَا مِيرَاثَ لَكَ وَأَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ بِحُكْمِ إقْرَارٍ.
(قَالَ) تَفَرَّقُوا عَلَيْهِ فَلَقِيَ الْأَصْغَرَ أَوَّلًا وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَيُقْضَى مِنْ أَيْسَرِ الْأَمْوَالِ وَأَيْسَرُ الْأَمْوَالِ فِي حَقِّهِ هُوَ مَا فِي يَدِ الْأَصْغَرِ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ بِدَيْنِ أَلْفٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِدَيْنِ أَلْفَيْنِ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ أَلْفٌ وَاحِدٌ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ بِزَعْمِهِ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ قَدْ لَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ دَيْنَهُ مُحِيطٌ بِالتَّرِكَةِ فَيَتَوَصَّلُ إلَى جَمِيعِ حَقِّهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَقِيَ الْأَكْبَرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ بَعْدَهُ أَخَذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفٌ، وَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ بَعْدَهُمَا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَرَّ الْأَصْغَرُ بِأَنَّ أَخَوَيْهِ قَدْ أَقَرَّا لَهُ بِمَا ذَكَرْنَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَقُّكَ فِي أَلْفٍ ثُلُثُهَا فِي يَدَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا فَمَا أَخَذْتَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي زِيَادَةً عَلَى حَقِّكَ إنَّمَا أَخَذْتَهُ بِإِقْرَارِهِمَا لَكَ بِالْبَاطِلِ فَلَا تَأْخُذْ مِنِّي إلَّا قَدْرَ مَا أَقْرَرْتُ لَكَ بِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَإِنْ جَحَدَ، فَقَالَ لَمْ يُقِرَّ لَكَ أَخَوَايَ إلَّا بِالْأَلْفِ لَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ مَا أَقْرَرْنَا لَكَ إلَّا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنٍ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْكَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ التَّرِكَةِ وَزِيَادَةٌ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ وَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ دَفْعِ حُجَّتِهِ هَذِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ إقْرَارَهُمَا لَهُ بِمَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْأَصْغَرِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْأَصْغَرِ بِهِ
وَإِنْ لَقِيَ الْأَوْسَطَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَضَى عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا لِمَا بَيَّنَّا، فَإِنْ لَقِيَ الْأَصْغَرَ بَعْدَهُ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إقْرَارِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْكَارِهِ فِي الْأَوَّلِ وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا الْعَطْفِ حَالَ إنْكَارِهِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ لَكَ الْأَوْسَطُ بِأَلْفٍ كَمَا أَقْرَرْتَ بِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَجُّ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَقْرَرْنَا لَكَ بِأَلْفٍ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْكَ مِنْ التَّرِكَةِ أَلْفٌ، فَأَمَّا عِنْدَ إقْرَارِهِ بِأَنَّ الْأَوْسَطَ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ فَهَذَا نَظِيرُ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَأْخُذُ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مِنْهُ الْأَلْفَ بِاعْتِبَارِ إقْرَارٍ كَانَ هُوَ صَادِقًا فِي نِصْفِهِ كَاذِبًا فِي نِصْفِهِ فَفِي النِّصْفِ، وَهُوَ الْخَمْسُمِائَةِ أَنْتَ مُسْتَوْفٍ حَقَّكَ مِنْهُ وَفِي النِّصْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute