للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاقِي كَالرَّاهِنِ يُقِرُّ بِالْمَرْهُونِ لِإِنْسَانٍ فَيُعْتِقُهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْإِقْرَارُ مِنْهُ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ وَإِعْتَاقُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ شَرِيكُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا.

وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّا لَوْ صَحَحْنَا الْإِقْرَارَ فِي الْحَالِ تَضَرَّرَ بِهِ الشَّرِيكُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَتَيْنِ قِسْمَةُ الْبَيْتِ مَعَ الْمُقَرِّ لَهُ وَقِسْمَةُ بَقِيَّةِ الدَّارِ مَعَ الْمُقِرِّ فَيَتَفَرَّقُ عَلَيْهِ مِلْكُهُ، وَهَذَا الضَّرَرُ يَلْحَقُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقِسْمَةِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ فَمَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ يُضَافُ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ وَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الْأَمْرِ بِالْغَيْرِ، وَلَكِنْ الْمُقَرُّ لَهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ شَرِيكِهِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لِعَدَمِ مِلْكِهِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ وَمَنْ أَقَرَّ بِمَا لَا يَمْلِكُ، ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهِ وَيَصِيرُ كَالْمُجَدِّدِ لِلْإِقْرَارِ بَعْدَ الْمِلْكِ، وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتِ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَنَصِيبُ الْمُقِرِّ يُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ لَهُ وَيَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهِ بِذُرْعَانِ جَمِيعِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ بِذُرْعَانِ نِصْفِ الدَّارِ سِوَى الْبَيْتِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْرِبُ لَهُ بِذُرْعَانِ نِصْفِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ بِذُرْعَانِ نِصْفِ الدَّارِ سِوَى نِصْفِ الْبَيْتِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَالْبَيْتُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ يَضْرِبُ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ وَالْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدِ عَشَرَ سَهْمًا سَهْمَانِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَتِسْعَةٌ لِلْمُقِرِّ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَضْرِبُ الْمُقَرُّ لَهُ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ وَالْمُقِرُّ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَيَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ عُشْرُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ.

وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ إقْرَارَهُ فِي نِصْفِ الْبَيْتِ صَادَفَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ، وَلَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ حِينَ وَقَعَ الْبَيْتُ بِالْقِسْمَةِ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَلَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ إلَّا بِقَدْرِ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْبَيْتِ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ إذَا وَقَعَ هَذَا النِّصْفُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَعِوَضُهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرُّ بِهِ إذَا أَخْلَفَ عِوَضًا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعِوَضِ فَلِهَذَا ضَرَبَ بِنَصِيبِهِ بِذُرْعَانِ نِصْفِ الْبَيْتِ وَالْمُقِرُّ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، وَهُوَ ذُرْعَانُ نِصْفِ الدَّارِ سِوَى الْبَيْتِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْكُلِّ قَدْ صَحَّ بِاعْتِبَارِ تَعَيُّنِ مِلْكِهِ فِي جَمِيعِ الْبَيْتِ فَيَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ. وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْعَقَارِ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَلَوْ اشْتَرَيَا دَارًا وَاقْتَسَمَاهَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مُرَابَحَةً فَالْبَيْتُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَعِوَضُهُ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ.

وَحُكْمُ الْعِوَضِ حُكْمُ الْأَصْلِ فِيمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِهِ أُمِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>