مِنْ حَوَائِجِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَهَذَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِذَلِكَ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ فِنَاءُ الْمِصْرِ كَجَوْفِ الْمِصْرِ.
رَجُلٌ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ قَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِفُصُولِهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَاَلَّذِي زَادَ هُنَا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ ظُهْرُهُ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ سَعَى فِي دَارِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ فَفَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ هُوَ مِنْ بَابِ دَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِضُ ظُهْرُهُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُصُوصِ بِمَنْزِلَةِ إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ فِي ارْتِفَاضِ الظُّهْرِ وَسَعْيُهُ فِي دَارِهِ لَا يَكُونُ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُصُوصِ وَإِنَّمَا سَعْيُهُ إلَى الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُصُوصِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حِينَ خَرَجَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْجُمُعَةِ.
وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ مَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِالْقَوْمِ أَجْزَأَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ أَنَّ تَقَدُّمَ بَعْضِ الْقَوْمِ كَتَقْدِيمِ الْإِمَامِ لِحَاجَتِهِمْ إلَى إصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْجُمُعَةِ بَلْ أَظْهَرُ فَإِنَّ هُنَا لَوْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى اسْتِقْبَالِهَا بِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْعَوَامّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَدِّمَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ هُنَا يَحْتَاجُ إلَى افْتِتَاحِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَصِحُّ افْتِتَاحُ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَا يَكُونُ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِطِهَا وَمِنْ شَرَائِطِهَا السُّلْطَانُ فَلِهَذَا لَا يُجْزِيهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ ذَا سُلْطَانٍ فَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَحَاجَةُ الْمُتَقَدِّمِ إلَى الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِجْمَاعُ الشَّرَائِطِ فِي حَقِّ مَنْ بَنَى عَلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ صَحَّ تَقْدِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ تَقْدِيمُهُ. يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ حِينَ افْتَتَحَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَقَدْ صَارَ مُسْتَعِينًا بِهِمْ فِيمَا يَعْجِزُ هُوَ عَنْ إقَامَتِهِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ دَلَالَةُ الْإِذْنِ مِنْهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ فِي التَّقَدُّمِ لِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ تَقَدُّمُهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ.
وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ قَدَّمَ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَجْمِعٍ لِشَرَائِطِهَا. فَإِنْ قَدَّمَ هَذَا الْمُقَدَّمُ غَيْرَهُ مِمَّنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ قَالَ هُنَا يُجْزِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَجْمِعٌ لِشَرَائِطِ الْجُمُعَةِ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ لَا يُجْزِيهِمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ يَمْلِكُ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ بِنَفْسِهِ وَاَلَّذِي لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute