للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي وَأَحَدُ الْغُرَمَاءِ وَارِثُهُ وَاكْتَسَبَ الْعَبْدُ مَالًا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ مَالَهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَضْرِبُ بِدَيْنِهِ وَيَضْرِبُ الْوَارِثُ بِدَيْنِهِ وَلَا يَضْرِبُ الَّذِي أَعْتَقَهُ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ كُلَّهَا وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يُقْضَ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ ثَمَنِهِ وَالدَّيْنُ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُقْضَى مِنْ كَسْبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا أَنَّ دَيْنَ الْمُشْتَرِي قَدْ سَقَطَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَقَدْ كَانَ يُحَوِّلُ حَقَّهُ إلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ الْقَاضِي فَلَمَّا هَلَكَ ذَلِكَ فَاتَ مَحَلُّ حَقِّهِ أَصْلًا فَسَقَطَ دَيْنُهُ فَلِهَذَا لَا يَضْرِبُ فِي الْكَسْبِ الَّذِي بَعْدَ الْعِتْقِ بِشَيْءٍ وَأَمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَبْدِ فَدَيْنُهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَدَيْنِ الْآخَرِينَ، وَهُوَ، وَإِنْ صَارَ وَارِثًا لِلْعَبْدِ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ الْوَلَاءُ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ إقْرَارَهُ فَلِهَذَا يَضْرِبُ مَعَ الْآخَرِينَ بِدَيْنِهِ.

وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُ غُرَمَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ لَهُمْ وَارِثُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ لَهُ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ فَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ لَهُ، وَإِنْ صَارَ وَارِثًا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَلَوْ أَنَّ مَرِيضًا أَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ وَابْنُهُ عَبْدٌ، ثُمَّ عَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَهُوَ وَارِثُهُ فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ فَهَذَا الْإِقْرَارُ حَصَلَ مِنْ الْمَرِيضِ فِي الْمَعْنَى لِلْمَوْلَى وَالْمَوْلَى أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ فَبِأَنْ صَارَ الْعَبْدُ مِنْ وَرَثَتِهِ لَا يُبْطِلُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الدَّيْنَ الْوَاجِبَ عَلَى الْعَبْدِ بِإِقْرَارِهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ، وَذَلِكَ لِمَوْلَاهُ دُونَهُ فَبِأَنْ صَارَ الْمُقَرُّ لَهُ وَارِثًا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ الْمُتَقَدِّمُ، وَإِنْ وَجَبَ قَضَاءُ مَنْ كَسَبَ هُوَ خَالِصَ حَقِّ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَثْبُتُ بِسَبَبٍ حَادِثٍ، وَهُوَ الْإِعْتَاقُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ وَرِثَ بِسَبَبٍ قَائِمٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ التَّاجِرِ لَا يَكُونُ لِمَوْلَاهُ فَفِي هَذَا الْإِقْرَارِ مَنْفَعَةٌ لِلْعَبْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، وَقَدْ صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَلِهَذَا بَطَلَ إقْرَارُهُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَسْبُهُ يَكُونُ مِلْكًا لِمَوْلَاهُ وَيُجْعَلُ هَذَا كَالْإِقْرَارِ لِلْمَوْلَى.

وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِابْنِهِ، وَهُوَ مُكَاتَبٌ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ فَإِقْرَارُهُ لَهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّمَا كَانَ مُقِرًّا بِهَذَا الدَّيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لَهُ لِأَنَّهُ صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَكَسْبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَهُ فَكَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ مُوجِبًا إيصَالَ النَّفْعِ إلَى وَارِثِهِ فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ فِي مَرَضِهِ لِابْنِهِ الْحُرِّ بِدَيْنٍ، ثُمَّ مَاتَ مُكَاتَبًا، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً أَوْ تَرَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>