للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُشْبِهُ الْبَيْعُ وَالْقَرْضُ الْوَدِيعَةَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ: وَلَا يُشْبِهُ الْقَرْضُ وَالْبَيْعُ الْوَدِيعَةُ مَا سِوَاهَا، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ عَلَى ظَاهِرِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَجَابَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِجَوَابٍ وَاحِدٍ وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ: يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الدَّافِعِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلثَّانِي، فَأَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَدِيعَةِ قَالَ: إذَا دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَغْرَمْ لِلثَّانِي، وَفِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ إنْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْضِ الْوَدِيعَةِ فِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ لِلثَّانِي مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَوَّلِ، وَفِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ الْمَالُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِلثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَوَّلِ شَيْئًا، وَهَذَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْإِقْرَاضَ وَالْمُبَايَعَةَ سَبَبَا ضَمَانٍ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ لِفُلَانٍ غَصَبَهُ فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يَقْضِي لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْمِلْكِ لِلْأَوَّلِ شَاهِدٌ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ لِلثَّانِي وَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي لَفْظِ السُّؤَالِ لِفُلَانٍ غَصْبُهُ مِنْ فُلَانٍ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمُقَرِّ لَهُ فَيَكُونُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْغَصْبِ لِلثَّانِي وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لِلْأَوَّلِ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَالَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانٍ غَصَبْتُهُ مِنْ فُلَانٍ آخَرَ وَادَّعَى الصَّبِيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ قَضَى بِهِ لِلْأَبِ، وَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ لِتَقَدُّمِ الْإِقْرَارِ لَهُ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانٍ أَرْسَلَ بِهِ إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ كَانَ الِابْنُ لِلْأَوَّلِ إذَا ادَّعَاهُ دُونَ الرَّسُولِ لِتَقَدُّمِ الْإِقْرَارِ لَهُ، وَفِي جَمِيعِ هَذَا إنْ ادَّعَى الرَّسُولُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ مِثْلُهُ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى يَدِهِ مِنْ جِهَتِهِ وَتَعَذُّرِ الرَّدِّ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَدَفَعَ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ مَا خَلَا الِابْنَ، فَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا هُوَ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِلْغَيْرِ يَدٌ مُوجِبَةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَتَكَلَّمُ فَعَلَى الْمُقِرِّ قِيمَتُهُ لِلرَّسُولِ إذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ لِصِغَرِهِ يَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدٌ مُوجِبَةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ وَغَيْرِهَا.

وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأَلْفُ لِفُلَانٍ أَرْسَلَ بِهَا إلَيَّ مَعَ فُلَانٍ وَدِيعَةً وَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ لِتَقَدُّمِ الْإِقْرَارِ لَهُ بِهَا، فَإِنْ قَالَ: الْأَوَّلُ لَيْسَتْ لِي، وَلَمْ أُرْسِلْ بِهَا فَهِيَ لِلرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِالْكَلَامِ الثَّانِي أَنَّ وُصُولَهَا إلَى يَدِهِ كَانَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>