للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَدْفَعُ هُوَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَيُقَسِّمُ مِثْلَهَا بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمُضَارِبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا بَلْ هِيَ لِفُلَانٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ وَمَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ، وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ كَمَا بَيَّنَّا. وَكَذَلِكَ إنْ أَقَرَّ بِهَذِهِ الْخَمْسِمِائَةِ لِأَبِيهِ أَوْ لِابْنِهِ فَهُوَ وَمَا سَبَقَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُضَارِبِ لِهَؤُلَاءِ صَحِيحٌ وَلِإِنْشَائِهِ التَّصَرُّفَ مَعَهُمْ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِرِبْحِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْت إنَّمَا هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَلِأَنَّهُ جَاحِدٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ بِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ رِبْحًا، وَهُوَ أَمِينٌ فِي الرِّبْحِ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ بِالْجُحُودِ.

وَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، فَقَالَ: هَذَا رِبْحٌ، وَقَدْ دَفَعْت رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يُرِيدُ اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ رَبُّ الْمَالِ بِدَعْوَى الْمُضَارِبِ، فَإِنْ حَلَفَ يَأْخُذُ مَا فِي يَدِهِ بِحِسَابِ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُضَارِبِ فِي الرِّبْحِ وَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ مَا لَمْ يَصِلْ رَأْسُ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ.

وَإِذَا قَالَ لِرَجُلٍ: فُلَانٌ شَرِيكِي مُفَاوَضَةً، فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَجَلْ أَوْ قَالَ: صَدَقَ أَوْ قَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ أَوْ قَالَ: هُوَ صَادِقٌ فَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي كُلِّ مَالٍ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى مِنْ الْجَوَابِ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ مُعَادًا فِيهِ حَتَّى يَثْبُتَ بِهِ تَصَادُقُهُمَا عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، وَالثَّابِتُ بِاتِّفَاقِهِمَا كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَلَوْ عَايَنَا شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا كَانَ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَلَفْظُ الشَّرِكَةِ يُوجِبُ ذَلِكَ الْإِطْعَامَ مِثْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِسْوَتِهِ وَكِسْوَةِ أَهْلِهِ فَلِمَنْ فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَلَكِنْ يَصِيرُ مُسْتَثْنًى مِمَّا هُوَ مُوجَبُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ مَعْلُومٌ وُقُوعُهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْمُفَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ ظَاهِرَةً بَيْنَهُمْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا إلَّا الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ. وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ الْعَقْدُ بِإِقْرَارِهِمَا. وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ مُدَبَّرَتُهُ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَالْمُدَبَّرَةَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلتِّجَارَةِ وَمُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ مَالٍ قَابِلٍ لِلتِّجَارَةِ وَالتَّصَرُّفِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَنْكُوحَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَاتَبًا قَدْ كَاتَبَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ فَمَا عَلَيْهِ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّصَرُّفِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدُّيُونِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ رَقَبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>