للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ بِعَقْدِهِ، وَفِيمَا يَجِبُ فِي الْعَقْدِ الْعَاقِدُ كَالْمَالِكِ وَلِهَذَا صَحَّ إبْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهُوَ فِي الِاسْتِيفَاءِ كَالْمَالِكِ بِالِاتِّفَاقِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي بَاعَ وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ الْمُشْتَرِي بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ. وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ فِي إلْزَامِ الزِّيَادَةِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي إلْزَامِ ذِمَّتِهِ شَيْئًا وَالْوَصِيُّ فِي الْمَقْبُوضِ أَمِينٌ فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَيَّنَ الثَّمَنَ بِالْإِقْرَارِ بَعْدَ فَرَاغِ ذِمَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَوِلَايَةُ بَيَانِ الْمِقْدَارِ لَهُ حَالَ اشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِالْيَمِينِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ كَالْبَائِعِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَدْ اسْتَقَلَّ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ، وَالْوَكِيلُ وَالْمُضَارِبُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمِائَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ كَلَامُ لَغْوٍ وَلَمَّا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْفَضْلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَقَدْ أَقَرَّ هُنَاكَ بِقَبْضِ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوَّلًا، وَذَلِكَ كَلَامٌ مُعْتَبَرٌ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِشَيْءٍ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَ نَفْسِهِ وَفِي هَذَا بَعْضُ إشْكَالٍ فَفِي قَوْلِهِ وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ مَعْنَى الْحَطِّ لِمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْفَضْلِ، وَلَكِنْ يَقُولُ الْحَطُّ وَالْإِبْرَاءُ تَصَرُّفٌ فِي الْوَاجِبِ بِالْإِسْقَاطِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْوُجُوبِ لَا يَكُونُ تَصَرُّفًا فِي الْوَاجِبِ كَإِنْكَارِ الزَّوْجِ لِأَصْلِ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ تَصَرُّفًا فِي النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْفَضْلِ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ، وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يُؤْخَذُ بِالْمِائَةِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ عَلَى إبْطَالِهَا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَالِ هُنَا لَمْ يَكُنْ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ فَلَا قَوْلَ لَهُ إلَّا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الِاسْتِيفَاءِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى مِائَةُ دِرْهَمٍ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَالَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَكَانَ الْغَرِيمُ مُطَالِبًا بِالْبَاقِي بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّ وُجُوبَ الْمَالِ هُنَاكَ بِعَقْدِ الْوَصِيِّ فَكَانَ قَوْلُ الْوَصِيِّ قَوْلًا مُطْلَقًا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي، فَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ أَوَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ فِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي.

وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عِنْدَ فُلَانٍ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قَبَضْتُ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمَطْلُوبُ قَبَضَ الْوَصِيُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>