للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَكَانَ كَالْمَوْجُودِ يَوْمئِذٍ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَالْمَهْرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَيَبْطُلُ الْفَضْلُ إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ وَمَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ ثَبَتَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، فَأَمَّا مِقْدَارُ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِي إقْرَارِهِ بِهِ.

وَلَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ فُلَانًا بِكَذَا، ثُمَّ جَحَدَتْهُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فِي حَيَاتِهَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ جُحُودَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بَاطِلٌ، وَإِنْ صَدَّقَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ اعْتِبَارًا لِجَانِبِهَا بِجَانِبِهِ بِعِلَّةِ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُعْقَدُ لِلْعُمْرِ فَمُضِيُّ الْمُدَّةِ يُنْهِيه وَلِهَذَا يُسْتَحَقُّ الْمَهْرَ وَالْمِيرَاثَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الدُّخُولُ وَالْمُنْتَهِي مُتَقَرِّرٌ فِي نَفْسِهِ فَيَصِحُّ التَّصْدِيقُ فِي حَالِ تَقَرُّرِ الْمُقَرَّرِ بِهِ كَمَا يَصِحُّ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَشَارَ إلَى الْفَرْقِ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ: لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ عَلَيْهَا لَا لَهَا وَتَقْرِيرُ هَذَا مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْعِدَّةَ تَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهَا وَالْعِدَّةُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا فَبَقَاؤُهَا كَبَقَاءِ النِّكَاحِ فِي صِحَّةِ التَّصْدِيقِ وَبَعْدَ مَوْتِهَا لَا عِدَّةَ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ فَقَدْ فَاتَ الْمُقَرُّ بِهِ لَا إلَى أَثَرٍ فَلَا يَعْمَلُ التَّصْدِيقُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَنَّ الزَّوْجَ مَالِكٌ لِحُكْمِ النِّكَاحِ وَالْمَرْأَةُ مَحَلُّ الْمِلْكِ وَبَعْدَ فَوَاتِ الْمَحَلِّ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الْمِلْكِ حُكْمًا فَيَبْقَى الْمِلْكُ بِبَقَاءِ الْمَحَلِّ فَيُعْمَلُ بِتَصْدِيقِهَا وَلِهَذَا حَلَّ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَالثَّالِثُ أَنَّ الْفِرَاشَ لَمَّا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا فَالزَّوْجُ فِي التَّصْدِيقِ بَعْدَ مَوْتِهَا مُدَّعٍ لِنَفْسِهِ لَا أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا لَهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا كَانَ فِي مِلْكِ الْحِلِّ، وَقَدْ انْقَطَعَ بِمَوْتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَالتَّصْدِيقُ مِنْ الْمَرْأَةِ إقْرَارٌ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا بِالْفِرَاشِ فَيَصِحُّ التَّصْدِيقُ بِهَذَا الطَّرِيقِ، ثُمَّ يَبْتَنِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمِيرَاثِ وَالْمَهْرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ جَحَدَتْ بَعْدَ إقْرَارِهَا حَتَّى مَاتَتْ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَمَا بَيَّنَّا.

وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ هَذَا الرَّجُلَ وَهِيَ أَمَةٌ، وَقَدْ كَانَتْ أَمَةً، ثُمَّ عَتَقَتْ، وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ تَزَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ سَوَاءٌ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى نُفُوذِ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ فَقَدْ كَانَ يُوقَفُ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْمَوْلَى أَوْ سَقَطَ حَقُّهُ بِالْعِتْقِ، ثُمَّ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ مَتَى أَضَافَ الْإِقْرَارَ بِالنِّكَاحِ إلَى حَالٍ يُنَافِي أَصْلَ الْعَقْدِ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْآخَرُ مَا يَدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُكِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ أَوْ قَبْلَ أَنْ أُولَدَ أَوْ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>