بَعْدَ الرِّدَّةِ فَلَأَنْ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً فِي الرِّدَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلِهَذَا كَانَ إقْرَارُهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ.
وَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ التَّاجِرَةُ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ وَلَدَهَا مِلْكُ الْمَوْلَى فَلَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَوْلَى فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ كَأُمِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَازِمٌ فِيهَا فَيَسْرِي إلَى وَلَدِهَا وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ لَيْسَ بِحَقٍّ لَازِمٍ فِي الْأُمِّ هُنَا فَلَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْكِتَابَةِ الْعِتْقُ وَالْوَلَدُ يَنْفَصِلُ عَنْهَا، وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ مَالِ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ، وَقَالَ: أَنَا أَجِيرُ لَهُ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَنَافِعِ نَفْسِهِ وَمَا فِي يَدِهِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ كُلُّهُ لَا حَقَّ لِلْأَجِيرِ فِيهِ لِإِقْرَارِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ لَهُ وَالْإِقْرَارُ عَامًّا يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ خَاصًّا غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَأَجْعَلُهُمَا لِلْأَجِيرِ وَفِي الْقِيَاسِ هُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ قَلِيلٍ فِي يَدِهِ وَكَثِيرٍ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ الْأَجِيرُ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ فَحَاجَتُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اتَّخَذَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ إقْرَارِهِ كَمَا يَصِيرُ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ مِثْلُ مَا اُسْتُحْسِنَا فِي ثِيَابِ بَدَلِ الْأَجْرِ إذَا كَانَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِ الْأُسْتَاذِ عِنْد اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا فَيُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَجِيرِ فِيهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْتِعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ أَقَرَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِيمَا إذَا قَالَ أَصَبْتُهُ بَعْدَ إقْرَارِي لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَا فِي يَدِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِي كُلِّ إقْرَارٍ لَا يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ عَنْ بَيَانِ الْمُقِرِّ يُجْعَلُ بَيَانُهُ مَقْبُولًا فِيهِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَةِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ كَانَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ وَقْتَ إقْرَارِهِ لِفُلَانٍ لِتَقْيِيدِهِ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَلَيْسَ لِفُلَانٍ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْقَوْلُ فِي بَيَانِهِ قَوْلُ الْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ التِّجَارَةِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَصَابَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ بَيَانِهِ بِإِقْرَارِهِ فَوَجَبَ قَبُولُ بَيَانِهِ فِي ذَلِكَ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْأَجِيرُ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَالٍ لِفُلَانٍ، وَفِي يَدِهِ صُكُوكٌ وَمَالُ عَيْنٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ فَإِنَّ مَا فِي الصُّكُوكِ وَجَبَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ، وَهُوَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ مَالِهِ فَيَتَنَاوَلُهُ عُمُومُ إقْرَارِهِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ طَعَامٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ، وَفِي يَدِهِ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ وَسِمْسِمٌ وَتَمْرٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِفُلَانٍ إلَّا الْحِنْطَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ جِنْسِ التِّجَارَةِ، وَاسْمُ الطَّعَامِ فِيمَا هُوَ تِجَارَةٌ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْحِنْطَةَ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute