بِهِ لَا يُصَيِّرُهُ حَقًّا بِإِخْبَارِهِمْ بِهِ فَلِهَذَا لَا يَعْتِقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ وَقُلْتَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَعْتِقْ لِمَا سَبَقَ أَنَّ عَمَلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْكَلَامِ كَعَمَلِ الشَّرْطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا بِالْعِتْقِ فَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَوْصُولًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ أَمْسِ وَإِنَّمَا اشْتَرَاهُ الْيَوْمَ فَقَدْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْعِتْقِ فِيهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكَ قَبْلَ أَنْ اشْتَرَيْتُكَ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا لَا بَلْ هَذَا عِتْقًا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ بَاطِلٌ، وَإِقَامَةُ الثَّانِي مَقَامَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِعِتْقِهِ صَحِيحَةٌ فَلِهَذَا عَتَقَا.
وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ عَلَى مَالٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقْتَنِي بِغَيْرِ مَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَقَرَّ بِعِتْقِهِ وَادَّعَى وُجُوبَ الْمَالِ لِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَنْزِلُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَالْمَوْلَى مُقِرٌّ بِقَبُولِهِ فَلِهَذَا عَتَقَ الْعَبْدُ، وَهُوَ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ يَحْلِفَ الْعَبْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ.
وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُ أَمْرَك بِيَدِكَ فِي الْعِتْقِ أَمْسِ فَلَمْ تُعْتِقْ نَفْسَكَ، وَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ أَعْتَقْتُ نَفْسِي لَمْ يُصَدَّقْ الْعَبْدُ لِأَنَّ الْمَوْلَى مَا أَقَرَّ بِعِتْقِهِ فَإِنَّ جَعْلَ الْأَمْرِ فِي يَدِهِ لَا يُوجِبُ الْعِتْقَ مَا لَمْ يُعْتِقْ الْعَبْدُ نَفْسَهُ، وَالْعَبْدُ مُدَّعٍ لِذَلِكَ وَالْمَوْلَى مُنْكِرٌ وَلَا قَوْلَ لِلْعَبْدِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فَقَدْ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ بِالْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكَ عَلَى مَالِ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، وَقَالَ الْعَبْدُ بَلْ قَبِلْتُ أَوْ قَالَ أَعْتَقْتَنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِعِتْقِهِ فَإِنَّ إعْتَاقَهُ بِمَالٍ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ الْقَبُولِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ قَبْلَ قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَقَرَّ بِتَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِشَرْطٍ آخَرَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْعَبْدِ فِي إيجَادِ الشَّرْطِ وَلَا فِي إنْكَارِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ. وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الطَّلَاقِ، وَفِي قَوْلِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَاخْتَارِي، فَإِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ عَلَى إعْتَاقِ الْمَوْلَى إيَّاهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَانَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: كَاتَبْتُكَ، وَلَمْ يُسَمِّ مَالًا، وَقَالَ الْعَبْدُ لَا بَلْ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُصَدَّقَ الْعَبْدُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبُ فِي مِقْدَارِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَيَتَحَالَفَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَسْمِيَةِ الْبَدَلِ وَيُحْتَمَلُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إذَا تَمَّتْ بِالْعِتْقِ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَالطَّلَاقُ بِمَالٍ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ فِي الزِّيَادَةِ وَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute