للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَهَنَهُ بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا لَمْ يُقِمْ دَلِيلَ التَّقْيِيدِ فِيهِ وَدَلِيلُهُ عِنْدَهُمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ الْعُرْفُ وَلَا عُرْفَ هُنَا فَالرَّهْنُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عَادَةً قَالَ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالرَّهْنِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِهِ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ وَالْمُوَكِّلُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ عَقْدِ الرَّهْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَالتَّوْكِيلُ بِالرَّهْنِ لَا يَعْدُو مَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ فَفِيمَا وَرَاءَ مُوجَبِ الْعَقْدِ الْوَكِيلُ كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ قَالَ وَلَوْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ جَازَ لِأَنَّ يَدَ الْعَدْلِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي إتْمَامِ الرَّاهِنِ بِهِ وَالتَّوْكِيلُ بِالْعَقْدِ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ بِمَا هُوَ مِنْ إتْمَامِهِ وَرُبَّمَا يَكُونُ كَوْنُهُ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَنْفَعُ لِلرَّاهِنِ مِنْ كَوْنِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلِهَذَا يَمْلِكُهُ بِمُطْلَقِ التَّوْكِيلِ فَإِنْ كَانَ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَرْهَنَهُ وَأَنْ يَرْهَنَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُسَلِّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَالِ لِأَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَهَذَا مِمَّا يُقْصَدُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ لِإِتْمَامِ الْمَقْصُودِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ وَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ جَازَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْبَيْعِ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ قَالَ وَإِنْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا فَرَهَنَهُ فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يُسَلِّطَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الثَّانِيَ وَكِيلٌ بِالرَّهْنِ مُطْلَقًا وَتَوْكِيلُ الْأَوَّلِ إيَّاهُ بِذَلِكَ عِنْدَ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَيْهِ عَلَى الْعُمُومِ بِمَنْزِلَةِ تَوْكِيلِ الْمَالِكِ إيَّاهُ بِذَلِكَ قَالَ إلَّا أَنْ يُفَوِّضَ رَبُّ الثَّوْبِ ذَلِكَ إلَيْهِ وَمُرَادُهُ أَنَّ تَفْوِيضَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ الْأَمْرَ إلَى الثَّانِي عَامِلًا لَا يُطْلَق لَهُ لِأَنَّ هَذَا يُسَوِّي غَيْرَهُ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَفْوِيضِ الْمُوَكِّلِ ذَلِكَ إلَيْهِ

قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ دَرَاهِمَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ وَأَعْطَاهُ رَهْنًا يَرْهَنُهُ وَقَالَ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَتَعَيَّنَ لِرَجُلٍ وَرَهَنَ لِرَجُلٍ فَإِنَّ الْعَيِّنَةَ لِلْمُوَكِّلِ وَبَيْعُ الْعَيِّنَةِ مَا وَرَدَ الْأَثَرُ بِالذَّمِّ فِيهِ إذَا اتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَقَعَدْتُمْ عَنْ الْجِهَادِ ذَلَلْتُمْ حَتَّى يُطْمَعَ فِيكُمْ وَتَفْسِيرُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَأَبَى أَنْ يُقْرِضَهُ إلَّا بِرِبْحٍ وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا فَيَبِيعُ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ شَيْئًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةِ عَشَرَ فَيَبِيعُهُ الْمُقْتَرَضُ بِعَشَرَةٍ فَسَلِمَ لَهُ مَقْصُودُهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَيَكُونُ لِلْمُقْرِضِ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ التَّوْكِيلَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الشِّرَاءِ وَالرَّهْنِ وَفِعْلُ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا الْعَيِّنَةُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنْ كَانَ قَالَ لِلْوَكِيلِ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا اشْتَرَى لِيُحَصِّلَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي هِيَ مَقْصُودُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ أَجَازَ صُنْعَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَالْبَيْعُ مِنْ صُنْعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>