وَالصَّغِيرَةُ جِدًّا لَا تَكُونُ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ إنْ رَأَتْ دَمًا سَائِلًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ رَأَتْ شَيْئًا قَلِيلًا لَيْسَ بِسَائِلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِلَّةٌ تَظْهَرُ عَلَى الْكُرْسُفِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَيْضًا بَلْ هُوَ مِنْ نَدَاوَةِ الرَّحِمِ فَلَا تُجْعَلُ حَائِضًا بِهِ.
وَالْمُرَاهِقَةُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْأَكْثَرُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهِيَ حَائِضٌ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا بِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَإِنْ كَانَ مَا رَأَتْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً رَأَتْ الدَّمَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا عَشْرًا ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ عَنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْغُسْلِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَهَذِهِ تُصَلِّي وَتَصُومُ وَلَا تَقْضِي صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ وَتُصَلِّي الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ مُرَاجَعَتِهَا إنْ كَانَ طَلَّقَهَا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَلْزَمُهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَدْرَكَتْ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ وَيَجُوزُ صَوْمُهَا؛ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِأَدَاءِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا خَمْسًا خَمْسًا ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ عَنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي وَقْتٍ لَا تَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْغُسْلِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَهَذِهِ تَصُومُ وَتَقْضِي وَمَعْنَاهُ تُمْسِكُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَعَلَيْهَا قَضَاءُ هَذَا الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِخُرُوجِهَا عَنْ الْحَيْضِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ أَدَاءِ الصَّوْمِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا يُجْزِئُهَا صَوْمُهَا وَزَوْجُهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتُصَلِّي الْعِشَاءَ وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّهَا لَمْ تُدْرِكْ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مِقْدَارَ مَا يُمَكِّنُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ، وَلَوْ لَزِمَهَا ذَلِكَ لَانْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَجَازَ صَوْمُهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِقْدَارُ مَا يُمَكِّنُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ فِيهِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ الْعِشَاءِ وَيَجُوزُ صَوْمُهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِطَهَارَتِهَا حِينَ حَكَمْنَا بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَزَوْجُهَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِطَهَارَتِهَا يَكُونُ ضِمْنًا لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ هِيَ حَائِضٌ بَعْدُ، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا حِينَ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا.
وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيَّةً أَيَّامَ أَقْرَائِهَا خَمْسٌ خَمْسٌ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ فِي مِقْدَارٍ لَا تَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْغُسْلِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute