للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنَّ مُوجَبِ جِنَايَتِهِ فِي كَسْبِهِ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلِهَذَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي جِنَايَةِ نَفْسِهِ لِأَنَّ مُوجَبَهُ عَلَى مَوْلَاهُ لَا فِي كَسْبِهِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْخُصُومَةِ وَتَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ بِمُخَاصِمَةِ الْمَوْلَى فِي الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهَا جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْخُصُومَةِ بِنَفْسِهِ مَعَهُ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ بِهِ كَمَا فِي الْخُصُومَةِ مَعَ غَيْرِهِ

قَالَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَوَكَّلَ الْمُكَاتَبَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ خُصُومَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي نَصِيبِ الَّذِي كَاتَبَهُ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ مَا لَمْ يَفْسَخْ شَرِيكُهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْكِتَابَةِ إذْنًا مِنْهُ لِلْعَبْدِ فِي نَصِيبِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ فِي نَصِيبِ الْآذِنِ فَلَأَنْ يَجُوزَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَانَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنْ كَاتَبَهُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي نَصِيبِهِمَا اسْتِحْسَانًا أَمَّا فِي نَصِيبِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَأَمَّا فِي نَصِيبِ الْمُكَاتَبِ الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حِينَ وُكِّلَ ثُمَّ كَاتَبَهُ مَوْلَاهُ جَازَ تَصَرُّفُ الْمَوْلَى اسْتِحْسَانًا فَكَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ كَعَبْدٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا لَهُمَا فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَفَعَلَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ فِعْلًا جَازَ فِي نَصِيبِهِمَا جَمِيعًا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ فِي نَصِيبِ الَّذِي عَجَزَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَجَزَ فِي نَصِيبِهِمَا وَلَكِنَّهُ قَالَ مُسَاعَدَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ تَكُونُ إذْنًا مِنْهُ لَهُ فِي كِتَابَةِ نَصِيبِهِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا عَجَزَ عَنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَكَّلَ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا مِنْ الْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَمَا يَصِحُّ فِي الْمُكَاتَبِ نَفْسِهِ.

فَإِنْ قِيلَ هَذَا لَا يُشْبِهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هُنَاكَ إذْنُهُ لِشَرِيكِهِ مِنْ الْوَكِيلِ فِي أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَهُنَا بَعْدَ الْعَجْزِ لَا يَبْقَى نَصِيبُهُ مَأْذُونًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ وَلَا تَصَرُّفُ الْعَبْدِ فِي نَصِيبِهِ قُلْنَا لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مِنْ ضَرُورَةِ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ لَازِمَةً فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَوْنُ نَصِيبِهِ مَأْذُونًا وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ فَسْخِ الْكِتَابَةِ فِي نَصِيبِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ لَا مَحَالَةَ فَيَبْقَى نَصِيبُهُ مَأْذُونًا كَمَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ نَصِيبَهُ قَالَ وَإِذَا وَكَّلَ الْمُكَاتَبُ وَكِيلًا بِقَبْضِ هِبَةٍ لَهُ فَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ أَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ جَازَ لِأَنَّ عَجْزَ الْمُوَكِّلِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ كَمَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الْوَكَالَةِ فَإِنْ قَبَضَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَوْتَهُ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>