ظَاهَرَهَا أَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَرْأَةِ فِي التَّوْكِيلِ وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُهَا كَمَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهَا
قَالَ: وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدٍ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: أَوَّلًا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا يَخْتَارُ أَيَّتَهمَا شَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى إحْدَاهُمَا مُمْتَثِلٌ أَمْرَ الزَّوْجِ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ النِّكَاحِ لَهُ فِي امْرَأَةٍ يُعَبِّرُ عَنْهَا وَيَتَعَيَّنُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا ثَلَاثًا وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ: أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ عَقْدُ تَمْلِيكٍ فَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ فِي الْمَجْهُولِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَجْهُولِ مَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ فَإِنَّ الثَّابِتَ فِي غَيْرِ الْمَعْنَى فِي الْحُكْمِ كَالْمُتَعَلِّقِ بِهِ لِخَطَرِ الْبَيَانِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَلَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِنِكَاحِ امْرَأَتَيْنِ
وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَزَوَّجَهُ تِلْكَ وَأُخْرَى مَعَهَا لَزِمَتْهُ تِلْكَ دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْمَرْأَةِ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ فَحَصَلَ مَقْصُودُهُ فَإِنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ لَا يَخْتَلِفُ بِضَمِّ الْأُخْرَى إلَيْهَا
قَالَ: وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَكِيلُ فَقَالَ الزَّوْجُ زَوَّجَتْنِي هَذِهِ وَقَالَ الْوَكِيلُ لَا بَلْ زَوَّجْتُك هَذِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إذَا صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي النِّكَاحِ مُعَبِّرٌ وَالزَّوْجُ إنَّمَا يَمْتَلِكُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى النِّكَاحِ فَيَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا وَلَا قَوْلَ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ
قَالَ: وَلَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ أَوْ فُلَانَةَ فَأَيَّتُهُمَا زَوَّجَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوَسُّعِ فَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ الْجَهَالَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَإِنْ زَوَّجَهُمَا جَمِيعًا مِنْهُ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِنِكَاحِ إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ نِكَاحِهِمَا لِلزَّوْجِ وَلَا نِكَاحِ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا إذْ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَلَا إحْدَاهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْمَجْهُولِ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً
قَالَ: وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً، وَوَكَّلَ آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَزَوَّجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا امْرَأَةً وَإِذَا هُمَا أُخْتَانِ جَازَ نِكَاحُ الْأُولَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَهُ وَلَمْ يَجُزْ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ لَا لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ جَامِعًا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحَانِ مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ حَرَامٌ وَقَدْ حَصَلَ بِهِمَا مَعًا وَلَيْسَ تَصْحِيحُ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ خَمْسَةَ رَهْطٍ أَنْ يُزَوِّجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ امْرَأَةً فَالْجَمْعُ بَيْنَ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ بِالنِّكَاحِ حَرَامٌ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَكَانَ هَذَا مِثْلَ الْأَوَّلِ
قَالَ: وَلَوْ زَوَّجَ رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَتَيْنِ أَوْ خَمْسَ نِسْوَةٍ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute