الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهَا طَالَبَتْهُ. وَمَا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ بِالنِّكَاحِ بَلْ إنَّمَا وَجَبَ بِالْكَفَالَةِ فَيَسْقُطُ بِإِسْلَامِ الطَّالِبِ لَا إلَى بَدَلٍ فَأَمَّا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَصَدَاقٌ.
وَإِسْلَامُهَا يُحَوِّلُ الْحَقَّ إلَى قِيمَةِ الْخَمْرِ فِي صَدَاقٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَحَقُّهَا عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ الْخَمْرِ، وَإِنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ الْكَفِيلَ بِالْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ مَا بَرِئَ بِإِسْلَامِهِ بَلْ تَحَوَّلَ إلَى الْقِيمَةِ فِي حَقِّهِ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ عَيْنِ الْخَمْرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ ذَلِكَ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ اسْتَوْفَتْ الْخَمْرَ مِنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُقْرِضِ مِنْ الْأَصِيلِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إسْلَامُ الْمُسْتَقْرِضِ يُسْقِطُ الْخَمْرَ لَا إلَى بَدَلٍ وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْخَمْرِ وَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَرْضِ وَإِسْلَامُ الْمَطْلُوبِ عِنْدَهُ يُسْقِطُ الْخَمْرَ لَا إلَى بَدَلٍ، وَإِنْ كَانَ خِنْزِيرًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ قَدْ سَقَطَ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دَيْنٌ حَادِثٌ عَلَى الزَّوْجِ وَالْكَفِيلُ لَمْ يَكْفُلْ بِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ بَرِئَ عَنْ الْخِنْزِيرِ أَصْلًا فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَتِهِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ دَيْنٌ حَادِثٌ عَلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ عَلَى الْكَفِيلِ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ سَقَطَ عَنْهُ الْخِنْزِيرُ لَا إلَى بَدَلٍ وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ الْخِنْزِيرُ أَوْ قِيمَتُهُ عَلَى حَالِهِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْجَوَابُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْخِنْزِيرِ بِعَيْنِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْجَوَابُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا كَجَوَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْخَمْرِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا إلَّا فِي فَصْلَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَأَدَّى الْكَفِيلُ عَيْنَ الْخَمْرِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّهِ وَإِسْلَامُ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُسْقِطُ الْخَمْرَ إلَى الْقِيمَةِ (وَالثَّانِي) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَفِيلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَهَا الْخِيَارُ: إنْ شَاءَتْ؛ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِالْخَمْرِ، وَإِنْ شَاءَتْ؛ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّهَا وَإِسْلَامُ الْمَطْلُوبِ عِنْدَهُ يُسْقِطُ الْخَمْرَ إلَى الْقِيمَةِ.
وَلَوْ كَفَلَ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ عَنْ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَسْتَوْجِبُ الْخَمْرَ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ الْخَمْرُ أَيْضًا عَيْنًا مَضْمُونَةً عَلَى أَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَفَلَ عَنْ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ لِأَحَدٍ. وَالْكَفَالَةُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ بَاطِلَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ مُسْلِمٌ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلْتَزِمُ الْخَمْرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ لِأَحَدٍ فَكَذَلِكَ بِالْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ.
وَكَفَالَةُ الذِّمِّيِّ بِالْخَمْرِ لِلْعَبْدِ التَّاجِرِ الذِّمِّيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute