فَإِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمْ الْغَائِبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ لِصَاحِبِهِ إذَا لَقِيَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ ذَلِكَ بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا وَهُوَ أَنَّهُمَا حِينَ الْتَقَيَا قَدْ اسْتَوَيَا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ عَنْ الثَّالِثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْغُنْمِ أَيْضًا وَاَلَّذِي أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّالِثِ غُنْمٌ بِسَبَبِ تِلْكَ الْكَفَالَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ لِيَسْتَوِيَا فِي الْغُنْمِ أَوْ لِتَبْقَى الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي الْغُرْمِ كَمَا هُوَ مُوجِبُ الْكَفَالَةِ
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَكَفَلَ بِهَا عَنْهُ رَجُلٌ ثُمَّ إنَّ آخَرَ كَفَلَ بِهَا عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا؛ فَهُوَ جَائِزٌ يَأْخُذُ الطَّالِبُ أَيَّهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْتَزَمَ جَمِيعَ الْمَالِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْأَصِيلِ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ أَصْلَ الدَّيْنِ بَاقٍ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ الْأُولَى كَمَا كَانَ قَبْلَهَا فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ فَأَدَّاهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَا كَفَلَ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا كَفَلَ عَنْ الْأَصِيلِ بِعَقْدٍ بَاشَرَهُ وَحْدَهُ فَيَكُونُ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى قَالَ الْكَفِيلَانِ لِلطَّالِبِ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ضَامِنٌ لِهَذَا الْمَالِ ثُمَّ أَدَّى أَحَدُهُمَا الْمَالَ؛ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُمَا بِالْعَقْدِ الثَّانِي جَعَلَا أَنْفُسَهُمَا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ سَوَاءً. فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدِ مِنْهُمَا كَفِيلٌ بِالْمَالِ عَنْ الْأَصِيلِ وَقَدْ كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ أَيْضًا بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فَإِذَا ثَبَتَتْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ أَيْضًا وَذَلِكَ فِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ مَا أَدَّى ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ بِجَمِيعِ الْمَالِ
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَكَفَلَ بِهَا عَنْهُ بِأَمْرِهِ رَجُلٌ ثُمَّ إنْ الطَّالِبُ أَخَذَ الْكَفِيلَ بِهَا فَأَعْطَاهُ كَفِيلًا آخَرَ بِهَا ثُمَّ أَدَّاهَا الْآخَرُ إلَى الطَّالِبِ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ مَا تَحَمَّلَ بِهَا عَنْ الْأَصِيلِ، وَلَا أَمَرَهُ الْأَصِيلُ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ. وَثُبُوتُ حَقِّ الرُّجُوعِ لِلْكَفِيلِ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِسَبَبِ الْأَصِيلِ بِالْكَفَالَةِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَمَرَهُ بِهِ وَهُوَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ كَفِيلِهِ بِأَمْرِهِ بِمَنْزِلَةِ أَدَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ عَنْ الْأَصِيلِ مُطَالَبَةَ الطَّالِبِ بِهَذَا الْمَالِ بِمَا أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَى الْكَفِيلِ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ ذَلِكَ بِأَدَائِهِ إلَى الطَّالِبِ، وَإِنْ كَانَ كَفَلَ عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ رَجُلَانِ وَلَمْ يَقُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: كَفَلْت عَنْ صَاحِبِي؛ فَإِنَّ الطَّالِبَ يُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُمَا الْتَزَمَا الْمَالَ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُلْتَزِمًا لِلنِّصْفِ كَالْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ الْمُقِرَّيْنِ لِرَجُلٍ عَلَيْهِمَا بِالْمَالِ وَأَيُّهُمَا أَدَّى النِّصْفَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ عَنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا إنَّمَا الْتَزَمَ عَنْ الْأَصِيلِ فَيَكُونُ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا حَتَّى قَالَا لِلطَّالِبِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute