فَإِنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْكَفَالَةِ عَنْ الْبَاقِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ بِسَبَبِهِ أَيْضًا. فَإِذَا أَدَّى ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمَّ لَقِيَ الْآخَرُ مِنْهُمَا أَحَدَ الْبَاقِينَ؛ أَخَذَهُ بِنِصْفِ تُسْعِ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْأَوَّلِ قَدْ أَدَّيَا عَنْهُ التُّسْعَ فَنِصْفُهُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفُ التُّسْعِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِنِصْفِ ثَلَاثَةِ أَتْسَاعٍ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّهُ مَعَ هَذَا الَّذِي لَقِيَهُ مُسْتَوِيَانِ فِي الْكَفَالَةِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْغُرْمِ عَنْ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ وَهَذَا قَدْ أَدَّى عَنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَتْسَاعٍ وَنِصْفًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ لِيَسْتَوِيَا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ فَإِنْ لَقِيَ الْأَوَّلُ الْأَوْسَطَ بَعْدَ مَا قَبَضَ هَذَا؛ رَجَعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَهُ كُلَّهُ لِلْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّهُمَا حِينَ الْتَقَيَا اسْتَوَيَا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ وَصَلَ إلَى أَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ وَأَخَذَ الْآخَرُ مِنْهُ نِصْفَهُ لِيَسْتَوِيَا فِي الْغُنْمِ أَيْضًا.
فَإِنْ لَقِيَا الْآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ الثَّالِثُ رَجَعَا عَلَيْهِ بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَتْسَاعٍ وَثُلُثِ تُسْعٍ حِصَّتُهُ مِنْ ذَلِكَ التُّسْعِ؛ لِأَنَّهُمَا تَحَمَّلَاهُ عَنْهُ وَتُسْعَانِ وَثُلُثٌ لِلْمُسَاوَاةِ فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ آخَرَ كُفَلَاءُ عَنْ الْبَاقِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوِيَا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّهُمَا لَوْ لَقِيَا الثَّالِثَ مَعًا؛ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَلَيْهِ بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَتْسَاعٍ وَثُلُثِ تُسْعٍ. فَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَاهُ رَجَعَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى ثَلَاثَةِ رَهْطٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ بِهَا فَأَدَّى أَحَدُهُمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ فِي قَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ أَصِيلٌ، فَمَا يُؤَدِّيه يَكُونُ أَصِيلًا فِيهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ إذَا كَانَ الْمُؤَدَّى بِقَدْرِ الثُّلُثِ أَوْ دُونَهُ، وَإِنْ قَالَ: إنَّمَا أَدَّيْت هَذَا عَنْ صَاحِبَيَّ أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فِيمَا هُوَ أَصِيلٌ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِيمَا هُوَ كَفِيلٌ هُوَ مُطَالَبٌ بِمَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَالِ، وَالْمُؤَدَّى مَالُهُ، فَيَكُونُ إيقَاعُهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ لِيَسْقُطَ عَنْهُ بِهِ أَصْلُ الْمَالِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ أَقْصَرُ فَإِنَّهُ إذَا جُعِلَ الْمُؤَدِّيَ مِنْ غَيْرِهِ؛ احْتَاجَ إلَى الرُّجُوعِ وَإِذَا جُعِلَ مُؤَدِّيًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرُّجُوعِ عَلَى أَحَدٍ وَلِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ الْمُؤَدِّيَ عَنْ صَاحِبَيْهِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا: أَدَاؤُهُ بِالْكَفَالَةِ بِأَمْرِنَا بِمَنْزِلَةِ أَدَائِنَا. وَلَوْ أَدَّيْنَا؛ كَانَ لَنَا أَنْ نُجْعَلَ الْمُؤَدِّيَ عَنْك، فَلَا يَزَالُ يَدُورُ هَكَذَا فَلِهَذَا جَعَلْنَاهُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ مُؤَدِّيًا عَنْ نَفْسِهِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَ عَبِيدًا لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفِيلٌ ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِينَ ثُمَّ أَدَّى أَحَدُهُمْ شَيْئًا لَا يَكُونُ الْمُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ خَاصَّةً، بَلْ يَكُونُ عَنْهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَوْ جَعَلْنَا الْمُؤَدَّى عَنْ الْمُؤَدِّي خَاصَّةً؛ لَكَانَ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى مِقْدَارَ نَصِيبِهِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ وَالْمَوْلَى مَا رَضِيَ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا بَعْدَ وُصُولِ جَمِيعِ الْمَالِ إلَيْهِ فَفِي جَعْلِهِ عَنْ نَفْسِهِ يُعْتَبَرُ شَرْطًا مَذْكُورًا فِي الْعَقْدِ نَصًّا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا جَعَلْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute