للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُؤَدِّ إلَى الطَّالِبِ شَيْئًا وَإِنَّمَا بَرِئَ هُوَ عَنْ تِلْكَ الْخَمْسِينَ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ إيَّاهُ، فَكَانَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْخَمْسِينَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ هُوَ رَدَّ نِصْفِ الثَّوْبِ عَلَيْهِ.

وَالْمُؤَدِّي لِلْعَشَرَةِ كَانَ فِي حُكْمِ الْقَابِضِ لِلْخَمْسِينَ مِنْهُ أَيْضًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَدَّى إلَيْهِ عَشَرَةً فَمَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ إنَّمَا بَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْهُ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُؤَدِّي لِلْعَشَرَةِ بِقَدْرِ الْأَرْبَعِينَ لِذَلِكَ. وَلَا رُجُوعَ لِلْمُؤَدِّي لِلْعَشَرَةِ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْ الْأَصِيلِ هَذِهِ الْعَشَرَةَ وَزِيَادَةً فَكَيْفَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى شَرِيكِهِ؟ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا وَلَكِنَّ الْأَصِيلَ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَدَّ الثَّوْبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْمُسْتَوْفِي لِلْخَمْسِينَ مِنْهُ وَلَكِنْ بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ بِدُونِ الْحَقِّ.

وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ صَالَحَ الْكَفِيلَيْنِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَكَانَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الدِّرْهَمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَدَّى عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْ الْأَصِيلِ وَزِيَادَةً وَلَكِنْ يَرُدُّ دِرْهَمًا عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الْأَصِيلِ خَمْسَةً وَمَا أَدَّى عَنْهُ إلَى الطَّالِبِ إلَّا أَرْبَعَةً فَإِنَّمَا بَرِئَ عَمَّا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ وَيَرُدُّ صَاحِبُهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ اسْتَوْفَى مِنْ الْأَصِيلِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يُؤَدِّ عَنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا بَرِئَ هُوَ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ صَالَحَهُمَا عَلَى ثَوْبٍ ثُمَّ إنْ أَحَدُهُمَا صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى إلَى الطَّالِبِ دِرْهَمًا، وَقَدْ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ الْأَصِيلِ مِقْدَارَ الْخَمْسِينَ بِالصُّلْحِ عَلَى الثَّوْبِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّ الْمُصَالِحَ مَعَ الطَّالِبِ يَرُدُّ عَلَى الْأَصِيلِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَصَاحِبُهُ يَرُدُّ عَلَى الْأَصِيلِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِلْخَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ الْأَصِيلِ عَلَى أَنْ يَسْتَفِيدَ الْأَصِيلُ الْبَرَاءَةَ مِنْ حَقِّ الطَّالِبِ بِأَدَائِهِمَا وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَاَلَّذِي صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى الدَّرَاهِمِ إنَّمَا أَدَّى عَنْهُ الدَّرَاهِمَ فَقَطْ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْخَمْسِينَ وَالْآخَرُ لَمْ يُؤَدِّ عَنْهُ شَيْئًا إلَى الطَّالِبِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْهُ وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.

وَإِذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ فَاوَضَ رَجُلًا، ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ؛ لَمْ يَلْزَمْ شَرِيكَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلِأَنَّ عَقْدَ الْمُفَاوَضَةِ لَا يُوجِبُ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا فِي ضَمَانِ الْكَفَالَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَعْدَ الشَّرِكَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قَبْلَهَا أَوْلَى. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَكُونُ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبَبٍ يُبَاشِرُهُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>