للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ بِالْمَالِ وَهُوَ حَالٌّ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَأَخَّرَ الطَّالِبُ أَحَدَ الْكُفَلَاءِ إلَى سَنَةٍ؛ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمْ شَاءَ سَوَاءٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ كَفَلَ بِهِ مُؤَجَّلًا فِي الِابْتِدَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَالَ يَكُونُ حَالًّا عَلَى الْبَاقِينَ، وَهَذَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفِيلٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ.

وَإِبْرَاءُ أَحَدِ الْكُفَلَاءِ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ لِلْبَاقِينَ كَمَا لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَكَذَلِكَ التَّأْخِيرُ عَنْ أَحَدِ الْكُفَلَاءِ إلَى سَنَةٍ. فَإِنْ أَدَّى الْمَالَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ الْآخَرَيْنِ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبَهُ بِالنِّصْفِ لِيَسْتَوِيَ بِهِ فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ كَمَا هُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الِالْتِزَامِ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ وَلَا يَأْخُذُ الَّذِي أَخَّرَهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ ثَابِتٌ فِي حَقِّهِ فَكَمَا لَا تَتَوَجَّهُ مُطَالَبَةُ الطَّالِبِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِمَكَانِ الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآخَرِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ النِّصْفَ بَيْعًا جَمِيعًا ذَلِكَ الْكَفِيلُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُمَا فِي الْكَفَالَةِ، وَقَدْ كَانَ الْمَانِعُ لَهُمَا مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ الْأَجَلَ. وَقَدْ انْعَدَمَ فَيَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ؛ لِيَسْتَوُوا فِي غُرْمِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى الْأَصِيلِ بِجَمِيعِ الْمَالِ. فَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ أَخَّرَ الْمَالَ عَلَى الْأَصِيلِ سَنَةً؛ كَانَ ذَلِكَ تَأْخِيرًا عَنْ جَمِيعِ الْكُفَلَاءِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ. وَكَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ أَوْ لَوْ كَانَ أَخَّرَ كَفِيلًا مِنْهُمْ شَهْرًا وَآخَرَ شَهْرَيْنِ وَآخَرَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ؛ كَانَ جَائِزًا عَلَى مَا سَمَّى. فَإِنْ حَلَّ عَلَى صَاحِبِ الشَّهْرِ؛ أَخَذَهُ مِنْ سَهْمِهِ وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْآخَرَيْنِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْأَجَلُ، وَإِنْ أَخَّرَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا سَنَةً؛ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِمْ إلَى سَنَةٍ وَدَخَلَتْ الشُّهُورُ تَحْتَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ فَهُوَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ.

وَلَوْ كَانَ أَخَّرَ الْكَفِيلَ شَهْرًا ثُمَّ أَخَّرَهُ سَنَةً؛ دَخَلَ الشَّهْرُ فِي السَّنَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ غَصْبٍ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَّرَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إلَى سَنَةٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ؛ فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْكَفِيلِ حَالٌّ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّأْجِيلِ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ بِمَنْزِلَةِ إسْقَاطِهِ بِالْإِبْرَاءِ. وَإِبْرَاءُ الْأَصِيلِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَكَذَلِكَ التَّأْخِيرُ عَنْهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ حَالًّا، وَكَذَلِكَ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ يُجْعَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَّلَ الْكَفِيلَ وَلَوْ أَجَّلَ الْكَفِيلَ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْمَالَ أَنْ يَثْبُتَ حَالًّا فَكَذَلِكَ إذَا أَجَّلَ الْأَصِيلَ وَهَذَا لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَجَّلَ الْكَفِيلَ أَوْ الْأَصِيلَ.

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَكَفَلَ بِهَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَبَعْضُهُمْ كُفَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ ثُمَّ إنْ الطَّالِبُ وَهَبَ الْمَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ؛ فَالْمَالُ عَلَيْهِمْ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الْكَفِيلِ تَمْلِيكٌ فَيَرْتَدُّ بِرَدِّ الْكَفِيلِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>