الْمَالَ وَالْأَمْرَ فَقَضَى الْقَاضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ فَأَخَذَ الْمَالَ وَأَدَّاهُ؛ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ مَظْلُومٌ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ وَلَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ وَلَكِنَّا نَقُولُ الْقَاضِي أَكْذَبَهُ فِي إقْرَارِهِ وَزَعْمِهِ حِينَ أَلْزَمَهُ الْمَالَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، وَالْمُقِرُّ مَتَى صَارَ مُكَذَّبًا فِي إقْرَارِهِ حُكْمًا؛ سَقَطَ اعْتِبَارُ إقْرَارِهِ كَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لِبَائِعِهِ فَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ؛ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ وَلَوْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَالَ: لَمْ يَأْمُرْنِي بِذَلِكَ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ الْكَفِيلُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي دَعْوَاهُ حِينَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ وَالْمُنَاقِضُ لَا يُقْبَلُ بَيِّنَةً عَلَى خَصْمِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ. وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْأَصِيلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَالْقَضَاءُ هُنَاكَ كَانَ بِحُجَّةِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ قَامَتْ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ جَمِيعًا.
وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ وَلَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّهُ وَافَى بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَانِعًا أَوْ مُسْقِطًا بَعْدَ مَا ظَهَرَ سَبَبُ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْكَفَالَةُ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ؛ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَيَسْتَوِي إنْ شَهِدَا عَلَى الْمُوَافَاةِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ بِذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ إقْرَارِهِ أَوْ وَقْتِهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ يُكَرَّرُ، وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ غَدْوَةً بِمَحْضَرٍ مِنْهُ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَشِيَّةً بِمَحْضَرٍ مِنْهُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا وَقَالَ: دَفَعْته إلَيْهِ غَدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَإِنَّ الْفِعْلَ الْمَوْجُودَ فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ غَيْرَ الْفِعْلِ الْمَوْجُودِ فِي مَكَان أَوْ زَمَانٍ آخَرَ. وَلَوْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الرَّجُلَ إلَيْهِ وَأَنَّ الْمَالَ قَدْ لَزِمَهُ، وَالشُّهُودَ شَهِدُوا بِبَاطِلٍ وَقَدْ اتَّفَقَتْ شَهَادَتُهُمَا فَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْكَفِيلِ لِإِكْذَابِهِ الشَّاهِدَيْنِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ إذَا أَدَّاهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ حُجَّةُ بَرَاءَتِهِ، وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْأَصِيلِ
إذَا كَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِذَلِكَ مُعَايَنَةً وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِهِ وَالْكَفِيلُ يَجْحَدُ ذَلِكَ لَزِمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ قَوْلٌ وَصِيغَةُ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ فِيهِ وَاحِدَةٌ، وَفِي مِثْلِهِ اخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ لَا يَضُرُّ كَالْبَيْعِ
وَإِنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute