للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَخَذَهَا صَاحِبُ الْخِدْمَةِ بِإِذْنِهِ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لَهُ تَبَرُّعًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْأَخْذُ مُوجِبًا عَلَيْهِ ضَمَانًا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ بِالْكَفَالَةِ. وَلَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ كَفِيلًا بِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ أُخِذَ بِهَا الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ إلَى صَاحِبِ الْخِدْمَةِ مُسْتَحَقٌّ عَلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ هُنَا وَهُوَ مِمَّا تُجْرَى فِيهِ النِّيَابَةُ فَيَصِحُّ الْتِزَامُهُ بِالْكَفَالَةِ، فَإِنْ مَاتَتْ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الْخِدْمَةِ بَطَلَ بِمَوْتِهَا وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ صَاحِبِ الرَّقَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْغَلَّةِ مَكَانَ الْخِدْمَةِ

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ عَيْنًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهِ دَعْوَى فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَا أَدْرَكَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَسْتَحِقُّ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَائِعِ شَيْئًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَلَكِنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ كَفِيلًا بِمَا أَدْرَكَهُ فِي ذَلِكَ جَازَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ دَعْوَى الْمُدَّعِي

وَلَوْ ادَّعَى ذِمِّيٌّ قِبَلَ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا بِعَيْنِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ بِهِ كَفِيلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ جَازَ، وَإِنْ كَفَلَ بِهِ مُسْلِمٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَيْسَا بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْتِزَامُ تَسْلِيمِهِ بِالْكَفَالَةِ كَمَا لَا يَصِحُّ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، وَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ عِنْدَهُ ثُمَّ ضَمِنَهُ الْمُسْلِمُ لَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا مُسْلِمِينَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ وَلَمْ يَضْمَنْ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْهَلَاكِ وَقِيمَتُهُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الْخَمْرُ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْمِثْلِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِ كَمَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْعَيْنِ حَالَ قِيَامِهَا

وَلَوْ تَقَبَّلَ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومٍ أَوْ كِرَابِ أَرْضٍ مَعْلُومٍ أَوْ كَرْيَ نَهْرٍ مَعْلُومٍ فَأَعْطَاهُ بِهَا كَفِيلًا كَانَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ، مَضْمُونٌ بِالْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا تُجْرَى النِّيَابَةُ فِي إيفَائِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَاهُ إبِلًا إلَى مَكَّةَ فَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا فَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِهَا كَانَ جَائِزًا مَا دَامَتْ قَائِمَةً بِأَعْيَانِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ مُطَالَبٌ بِتَسْلِيمِهَا بِالْعَقْدِ فَإِذَا هَلَكَتْ؛ فَقَدْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَبَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْ التَّسْلِيمِ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَوْ أَعْطَاهُ كَفِيلًا بِالْحُمُولَةِ لَمْ يَجُزْ فِيمَا كَانَ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُجْرَى النِّيَابَةُ فِيهِ فَإِنَّ إبِلَ الْكَفِيلِ لَا تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ الْحُمُولَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي إيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَجَازَ فِيمَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ مِمَّا تُجْرَى فِيهِ النِّيَابَةُ بِإِيفَائِهِ وَإِنَّمَا يَلْتَزِمُ الْكَفِيلُ تَسْلِيمَ مَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ

وَإِذَا كَتَبَ ذِكْرَ حَقٍّ عَلَى رَجُلٍ وَكَتَبَ فِيهِ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لَهُ وَأَيَّهُمَا شَاءَ فُلَانٌ أَخَذَهُ بِهَذَا الْمَالِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>