يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا نَفْسَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ شَرِيكِهِ الْكَفِيلِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ هُوَ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ مُسْقِطًا حَقَّهُ فِي الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ قَبْلَ وُجُوبِ سَبَبِ الْوُجُوبِ بَاطِلٌ وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلشَّرِكَةِ لَهُ فِي الْمَقْبُوضِ الْقَبْضُ وَالْكَفَالَةُ يُسْتَحَقُّ ذَلِكَ فَلِهَذَا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ بِالْأَدَاءِ فَإِنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَنْ الْمَدْيُونِ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إسْقَاطٌ لِحَقِّ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ مُتَقَرِّبًا بِالسَّبَبِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا كَفَلَ بِالْيَمِينِ عَنْ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ؛ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ ادَّعَى عَنْهُ جَازَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ؛ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَاحِدٍ فَمَاتَ فَوَرِثَهُ ابْنَاهُ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا إرْثًا فَهُوَ قِيَاسُ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِسَبَبٍ آخَرَ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَفَلَ بِهَا عَنْهُ رَجُلٌ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَارِثُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِالْمِيرَاثِ فَسَقَطَ عَنْهُ وَبَرَاءَتُهُ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لِلطَّالِبِ فَإِنَّمَا يُسْقِطُ عَنْ الْكَفِيلِ حِصَّةَ الْمَطْلُوبِ وَلِوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حِصَّتِهِ قَائِمٌ مَقَامَ الطَّالِبِ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَبْرَأُ بِهِ الْأَصِيلُ وَلَوْ كَانَ احْتَالَ بِهَا عَلَيْهِ فَكَفَلَ بِهَا عَلَى أَنْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَارِثُهُ وَكَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِهِ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مَمْلُوكًا لِلْمَطْلُوبِ بِمَوْتِ الطَّالِبِ فَلَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ وَالْكَفَالَةَ كَانَتْ فَاسِدَةً فَلَا يَكُونُ مُقَيَّدًا بِقَضَاءٍ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَوْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الطَّالِبِ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَهَذَا رُجُوعٌ مُفِيدٌ فَإِنَّ الْكَفِيلَ وَالْمُحْتَالَ عَلَيْهِ إنْ كَانَا مُتَطَوِّعَيْنِ هُنَا لَا يَسْتَوْجِبَانِ الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ أَصْلَ الْمَالِ هُنَاكَ فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ فَهُوَ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ مَا فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ كَفَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. وَهُنَا أَصْلُ الْمَالِ تَحَوَّلَ إلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَالْأَصِيلُ إنَّمَا يَمْلِكُ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ إذَا كَانَ دَيْنًا مُفِيدًا.
وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ بِدِينٍ عَلَى رَجُلٍ وَعَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ لِغُرَمَائِهِ. فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ فِي الصُّورَةِ لِلْعَبْدِ وَفِي الْمَعْنَى لِلْغُرَمَاءِ وَالْعَبْدُ الْمَدْيُونُ يَسْتَوْجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute