اصْطَلَحَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ الْعُلْوَ وَنِصْفَ السَّاحَةِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ السُّفْلَ وَنِصْفَ السَّاحَةِ جَازَ لِوُجُودِ الْمُبَادَلَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ بِالتَّرَاضِي وَالسَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْحُكْمِ
وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْ رَجُلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَجُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ جُذُوعِ الْآخَرِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ حَتَّى تَكُونَ جُذُوعُهُ مِثْلَ جُذُوعِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى الْحَائِطِ وَأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ بِوَضْعِ حِمْلٍ مَقْصُودٍ عَلَيْهِ يَنْبَنِي الْحَائِطُ لِأَجْلِهِ فَإِنَّ الْحَائِطَ تُبْنَى لِوَضْعِ ثَلَاثَةِ جُذُوعٍ عَلَيْهِ كَمَا يُبْنَى لِوَضْعِ عَشَرَةٍ مِنْ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ فَكَانَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ عَلَيْهِ وَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ لَا يُسَوِّيَ نَفْسَهُ بِصَاحِبِهِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَى وَلِلْمُسَاوَاةِ هُنَا طَرِيقَانِ إمَّا رَفْعُ فَضْلِ جُذُوعِ صَاحِبِهِ أَوْ بِأَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ وَالرَّفْعُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حُجَّةٌ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْغَيْرِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ حَتَّى تَكُونَ جُذُوعُهُ مِثْلَ جُذُوعِ صَاحِبِهِ وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ فَالْوَضْعُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ هَدْمِ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْدِمَ الْحَائِطَ الْمُشْتَرَكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذِهِ الْفُصُولِ وَمَا فِيهَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَى هَذَا الْحَائِطِ وَيَفْتَحَ فِيهِ كُوَّةً وَجَمْعُهُ كُوًى وَلَا بَابًا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَفَتْحُ الْبَابِ وَالْكُوَّةِ يَكُونُ رَفْعًا لِبَعْضِ الْحَائِطِ وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ جَمِيعَ الْحَائِطِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِ الْبَعْضِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ وَالْكُوَّةِ يُوهِنُ الْبِنَاءَ وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِي الثَّانِي إنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ فِي الْحَالِّ وَلَا كَذَلِكَ بِنَاءُ الْحَائِطِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَضْعُ حِمْلٍ زَائِدٍ عَلَى حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْحَائِطِ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي حَائِطِ سَاحَةٍ مُشْتَرَكَةٍ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بِأَصْلِهِ لِأَحَدِهِمَا وَعَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ وَعَلَى أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا مُسَمًّى مَعْرُوفًا يَحْمِلُ عَلَيْهِ جُذُوعَ عُلُوٍّ مُسَمًّى فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالصُّلْحِ مَا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لِمَعْنَى الْجَهَالَةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ
وَإِذَا اخْتَصَمَا فِي حَائِطٍ وَكَانَ مَخُوفًا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَهْدِمَاهُ أَوْ عَلَى أَنْ يَبْنِيَاهُ عَلَى أَنْ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَهُ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَيْهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يَحْمِلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُذُوعِ قَدْرَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute