للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا اصْطَلَحَا عَلَى مَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إصْلَاحَ مِلْكِهِ شَرْعًا وَيُؤْمَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ بِالْبِنَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ هَدَمَ بِنَاءَ السُّفْلِ وَلَوْ هَدَمَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ أُجْبِرَ عَلَى بِنَائِهِ لِحَقِّ صَاحِبِ الْعُلْوِ فَإِذَا كَانَ عَنْ شَرْطٍ فَهُوَ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ بِنَاءُ السُّفْلِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ عَلَى بِنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَرْضَ بِالْتِزَامِهَا وَلَكِنْ يَبْنِي صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَيْهِ عُلْوَهُ وَلَا يَسْكُنُهُ صَاحِبُ السُّفْلِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الدَّعْوَى

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ نَخْلَةٌ فِي مِلْكِهِ فَخَرَجَ سَعَفُهَا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ الْآخَرُ قَطْعَ سَعَفِهَا فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ لِهَوَاءِ مِلْكِهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّفْرِيغِ فَهَذَا مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَطْعِهِ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ صَاحِبُ النَّخْلَةِ مِنْ أَنْ يَجُوزَ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ تَفْرِيغُ هَوَاءِ مِلْكِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْحِقَ الضَّرَرَ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ فِي قَطْعِ سَعَفِهَا فَإِنْ صَالَحَهُ رَبُّ النَّخْلَةِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ السَّعَفَ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ مِنْ هَوَاءِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهُ بِالصُّلْحِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ جُزْءٍ مِنْ الْهَوَاءِ بِعِوَضٍ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي نَفْسِهِ إذْ أَنَّ السَّعَفَ يَطُولُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ.

وَلَوْ أَنَّ نَهْرًا بَيْنَ قَوْمٍ فَاصْطَلَحُوا عَلَى كَرْيِهِ أَوْ بِوَضْعِ مَمْشَاةٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ بِحِصَصِهِمْ فَهَذَا جَائِزٌ كُلُّهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَصْطَلِحُوا إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَامٌّ فَإِنَّ رَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ فَإِذَا اصْطَلَحُوا كَانَ إلَى الْجَوَازِ أَقْرَبُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُهَا فَفِي الْقَنْطَرَةِ وَالْمَمْشَاةِ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَدْبِيرٌ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْمُلَّاكِ وَإِنَّمَا يُجْبَرُونَ عَلَى إزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ فَمَا لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَامٌّ لَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْكَرْيُ فَإِنِّي أُجْبِرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ ضَرَرًا عَامًّا فَإِنَّ لِلنَّاسِ فِي النَّهْرِ حَقَّ السَّقْيِ فَيَتَضَرَّرُونَ بِانْقِطَاعِ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَلَا يَصِلُ إلَيْهِمْ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ إلَّا بِالْكَرْيِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ الشُّرَكَاءَ فِيهِ عَلَى الْكَرْيِ وَتَمَامُ هَذَا فِي كِتَابِ الشِّرْبِ.

وَلَوْ ادَّعَى زَرْعًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ عَلَى دَرَاهِمَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُدَّعَى بِنَفْسِ الدَّعْوَى صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ وَلَمْ يُعَارِضْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِنْكَارِهِ فَلَا يَبْطُلُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَقُّ بِمُعَارَضَتِهِ إيَّاهُ بِإِنْكَارِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي فِي إبْطَالِ حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى نِصْفَهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ نِصْفِ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ جَوَازِ الْبَيْعِ لِمَا عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الضَّرَرِ فِي التَّسْلِيمِ وَهَذَا لَا يُوجَدُ هُنَا وَلِأَنَّ النِّصْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>