للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا بَقِيَ

وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا خَمْسَةٌ مِنْهَا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ جَازَ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ السَّلَمِ هَذَا صُلْحٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ بِمُقَابَلَةِ الْمِائَةِ وَهُوَ صَرْفٌ مَقْبُوضٌ فِي الْمَجْلِسِ فَيَكُونُ جَائِزًا وَذُكِرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْن مُغَفَّلٍ وَفِي رِوَايَةٍ مَعْقِلٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لِي عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِنْهُ أَرْضًا فَقَالَ: لِي خُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا لِبَيَانِ أَنَّ الِاسْتِبْدَالِ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ عِنْدَنَا يَبْقَى عَلَيْهِ طَعَامُ السَّلَمِ بِحَالِهِ أَنَّ الشِّرَاءَ وَالصُّلْحَ إذَا بَطَلَ صَارَ كَالْمَعْدُومِ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا إسْقَاطَ طَعَامِ الْمُسَلِّمِ إلَى عِوَضٍ فَيُعْتَبَرُ قَصْدُهُمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَرَدُّ رَأْسِ الْمَالِ مُتَعَيَّنٌ لِذَلِكَ وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا أَقْوَى وَعَنْ طَاوُسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: أَسْلَمَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ فِي حُلَلِ دَقٍّ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ حُلَلَ جَلٍّ كُلُّ حُلَّتَيْنِ بِحُلَّةٍ فَسَأَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَهُ وَبِهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ هَذَا اسْتِبْدَالٌ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَعَنْ بَيْعِ مَا فِي ضُرُوعِهَا إلَّا مَكِيلًا يَعْنِي إلَّا مَكِيلًا بَعْدَ الْحَلْبِ وَعَنْ بَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَعَنْ بَيْعِ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ وَعَنْ بَيْعِ الصَّدَقَةِ حَتَّى تُقْبَضَ وَعَنْ بَيْعِ الْمَغْنَمِ حَتَّى يُقَسَّمَ» وَبِذَلِكَ كُلِّهِ نَأْخُذُ فَإِنَّ بَيْعَ نَصِيبِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَبْلَ الْمِلْكِ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَيْعُ ضَرْبَةِ الْقَانِصِ وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ بَاطِلٌ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَبَيْعُ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقُلْتُ إنِّي أَسْلَمْتُ إلَى رَجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي بُرًّا فَبِكَذَا وَإِنْ أَعْطَيْتنِي شَعِيرًا فَبِكَذَا فَقَالَ: سَمِّ فِي كُلِّ نَوْعٍ وَزْنًا فَإِنْ أَعْطَاكَ فَذَاكَ وَإِلَّا فَخُذْ رَأْسَ مَالِكَ وَبِهِ نَقُولُ إذْ مِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ وَالتَّرَدُّدِ يَمْنَعُ صِحَّةَ السَّلَمِ وَأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ إلَّا سَلَمَهُ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ

وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ سَلَمِهِ عَلَى رَأْسِ مَالِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ يَدًا بِيَدٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَالَ رَبِّ السَّلَمِ مَعَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَحَالِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ مَعَ رَبِّ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَمَا أَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِرَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الرَّدِّ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ وَاجِبٌ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَ الْإِقَالَةِ لَا يَجِبُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الدَّيْنِيَّةِ فَإِنَّ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ حَرَامٌ أَوْ لِمُقْتَضَى لَفْظِ السَّلَمِ فَهُوَ أَخْذُ عَاجِلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>