للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُهَايَأَةِ كَمَا قَبْلَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالْمَهْرُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ الْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ كَالْأَرْشِ فَأَمَّا الَّذِي زَوَّجَ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى وَمِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَرِضَاهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يُزَوَّجْ فَلَهُ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِالْقِسْمَةِ

وَعَلَى هَذَا السُّكْنَى فِي الْمَنْزِلِ فَإِنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَى أَحَدِهِمَا أَوْ احْتَرَقَ مِنْ نَارٍ أَوْقَدَهَا فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِيهَا فَزَلِقَ رَجُلٌ بِوُضُوئِهِ أَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِيهَا أَوْ جَلَسَ فِيهَا أَوْ رَبَطَ فِيهَا دَابَّةً فَعَبَرَ بِهِ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَفِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِتَسْلِيطِ شَرِيكِهِ كَفِعْلِهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً أَوْ احْتَفَرَ فِيهَا بِئْرًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْمُهَايَأَةِ فَكَانَ هُوَ مُتَعَدِّيًا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالسَّبَبُ مَتَى كَانَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي فَهُوَ كَالْمُبَاشَرَةِ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ دُونَ تَضْيِيعٍ فَلِهَذَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ

وَإِذَا تَهَايَأَ الرَّجُلَانِ فِي خَادِمَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْدُمَ أَحَدَهُمَا هَذَا سَنَةً لِفَضْلِ خِدْمَتِهَا وَالْأُخْرَى هَذَا الْآخَرَ سَنَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ لِوُجُودِ التَّرَاضِي مِنْهُمَا وَحُصُولُ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمُعَادَلَةُ فِي الْخِدْمَةِ فَإِنْ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَلَدًا وَمُدَّةُ الْمُهَايَأَةِ طَوِيلَةٌ فَشَبَّ الْوَلَدُ فِيهَا كَانَتْ خِدْمَتُهُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْخِدْمَةِ بِالْمُهَايَأَةِ لَا يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ فَالْوَلَدُ تَوَلَّدَ مِنْ الْعَيْنِ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَالْأَصْلِ وَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْمُهَايَأَةُ مَقْصُودًا وَلَا تَبَعًا فَكَانَتْ خِدْمَتُهُ بَيْنَهُمَا كَخِدْمَةِ الْأَصْلِ قِيلَ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُنَفِّذُوا الْمُهَايَأَةَ وَلَكِنْ نَصِيبُهُ يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّةِ نَصِيبِهِ بِمَوْتِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ وَرَثَتِهِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ مُبَاشَرَةُ ابْتِدَاءِ الْمُهَايَأَةِ مَعَ قِيَامِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُمْ اسْتِدَامَةُ الْمُهَايَأَةِ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ إحْدَى الْخَادِمَيْنِ أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَبَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ؛ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ لَمْ تَبْقَ بَعْدَ مَا نَفَذَ بَيْعُهُ فِيهِ وَعِتْقُهُ وَإِذَا كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُبْطِلَ الْمُكَاتَبَةَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى أُدَّتْ بَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَلَمْ يُسَلِّمْ لَمْ تَبْطُلْ الْمُهَايَأَةُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ سَلَّمَ بَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ نَصِيبِهِ وَفِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ يَزُولُ مِلْكُهُ فَتَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>