للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالدَّارِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الدَّارَ كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا لَمْ تَدْخُلْ الْأَمْتِعَةُ بِخِلَافِ الثِّمَارِ فَهِيَ بِالتَّمْلِيكِ، وَالِاتِّصَالِ هُنَا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّخِيلِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَ النَّخِيلَ كُلَّهُ قَلِيلًا، وَكَثِيرًا، وَهُوَ فِيهَا أَوْ مِنْهَا تَدْخُلُ الثِّمَارُ، وَلَوْ رَهَنَ الْأَرْضَ دُونَ النَّخِيلِ لَمْ يُجِزْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْمَرْهُونَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ مَرْهُونًا مَعَ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَهُوَ كَالدَّارِ الْمَشْغُولَةِ بِمَتَاعِهِ، وَكَمَا لَوْ رَهَنَ الْأَرْضَ بِدُونِ الْبِنَاءِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ) إنْ رَهَنَ الْأَرْضَ بِدُونِ الْأَشْجَارِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى شَجَرٌ وَاسْمُ الشَّجَرِ يَقَعُ عَلَى الثَّابِتِ عَلَى الْأَرْضِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ بَعْدَ الْقَلْعِ يَكُونُ جِذْعًا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ بِمَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ عَقْدُ الرَّهْنِ سِوَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ مَبْنِيًّا دُونَ الْأَرْضِ فَيَصِيرُ رَاهِنًا لِجَمِيعِ الْأَرْضِ، وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ

وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ بِنَفْسِ رَجُلٍ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا بِذَلِكَ، وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَالرَّهْنُ يَخْتَصُّ بِحَقِّ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ، وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ بِجِرَاحَةٍ فِيهَا قِصَاصٌ أَوْ دَمُ عَمْدٍ، وَلَا يُضَمِّنُهُ الْمُرْتَهِنُ إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا أَصْلًا؛ لِانْعِدَامِ الدَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ، وَالْعَارِيَّةُ، الْوَدِيعَةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاعْلَمْ بِأَنَّ الرَّهْنَ بِالْأَعْيَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:.

(أَحَدُهَا): الرَّهْنُ بِعَيْنٍ هُوَ أَمَانَةٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَحَقُّ صَاحِبِ الْأَمَانَةِ فِي الْعَيْنِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ، وَاسْتِيفَاءُ الْعَيْنِ مِنْ عَيْنِ آخَرَ مُمْكِنٌ (وَالثَّانِي): الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا.

(وَالثَّالِثُ) الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوبِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْغَصْبِ رَدُّ الْعَيْنِ إنْ أَمْكَنَ، وَرَدُّ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ دَيْنٌ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الدَّرَكَ لَيْسَ بِمَالٍ مُسْتَحَقٍّ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الرَّهْنُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَقْبَلُ الْإِضَافَةَ، وَلِهَذَا لَوْ كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ، فَكَذَا إذَا كَفَلَ بِالدَّرَكِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْعَقْدُ مُضَافًا، وَلَيْسَ فِي الْمَالِ ضَمَانٌ يُسْتَحَقُّ فَبَطَلَ الرَّهْنُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ ضَمَانُ اسْتِيفَاءٍ، وَالِاسْتِيفَاءُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُوبَ

قَالَ: وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ ثَوْبًا، وَقَبَضَهُ فَقِيمَتُهُ، وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ فَلَوْ اسْتَحَقَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>