للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، وَالْمُرْتَهِنُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، وَبِحُكْمِ الرَّهْنِ يُقَدَّرُ الدَّيْنُ مِنْ الْعَيْنِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَالْأَمِينُ يَضْمَنُ الْأَمَانَةَ بِالْجُحُودِ فَإِذَا جَحَدَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى عَيْنِهِ يُجْعَلُ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ.

وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ، وَلَمْ يَجْحَدْ، وَادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا، وَذَهَبَ الْعَبْدُ بِمَا فِيهِ لِإِقْرَارِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَهُ، وَالرَّهْنُ إذَا هَلَكَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ، وَالْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَهُوَ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ مَوْتِهِ فِي يَدِهِ، وَإِذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ رَهْنًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ الشُّهُودَ وَلَمْ يُعَايِنُوهُ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ الرَّهْنِ، وَالْقَوْلُ فِيمَا يُسَمِّي مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّهِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ ارْتَهَنَ مِنْهُ رَهْنًا ثُمَّ قَالَ: هُوَ هَذَا الثَّوْبُ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ زِيَادَةً، فَكَذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ شَهِدَ شُهُودُ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا الْمُرْتَهِنِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا بِمِائَةٍ، وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسِينَ، وَجَحَدَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا يَدْرِي مَا فَعَلَ بِالثَّوْبِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ يُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى عَيْنِهِ فَهُوَ هَالِكٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْحَدْهُ وَلَكِنْ جَاءَ بِثَوْبٍ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَالَ: هُوَ هَذَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ ثَوْبٌ يُسَاوِي خَمْسِينَ، وَاَلَّذِي أَحْضَرَهُ لَيْسَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَالظَّاهِرُ يُكَذِّبُهُ فِيمَا قَالَ فَلَا يُقْبَلُ بَيَانُهُ إذَا جَحَدَ الرَّاهِنُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُهُ بَقِيَ الْمَرْهُونُ هَالِكًا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى عَيْنِهِ فَيَطْرَحُ مِنْهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا.

وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ اثْنَيْنِ فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِمَا رَهْنًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَنَّهُ رَهَنَهُ، وَقَبَضَهُ، وَالْمَتَاعُ لَهُمَا جَمِيعًا، وَهُمَا يَجْحَدَانِ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الَّذِي لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ مَا رَهَنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا، فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ فَإِذَا أَنْكَرَ اسْتَحْلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الرَّهْنُ عَلَيْهِمَا. عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْآخَرِ بِالنُّكُولِ الْقَائِمِ مَقَامَ إقْرَارِهِ فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ الرَّهْنَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ فِي نَصِيبِ الَّذِي حَلَفَ انْتَفَى الرَّهْنُ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ نِصْفٌ شَائِعٌ مِنْ الْعَيْنِ.

وَلَوْ كَانَ الرَّاهِنُ وَاحِدًا وَالْمُرْتَهِنُ اثْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَهَنْتُ أَنَا، وَصَاحِبِي هَذَا الثَّوْبَ مِنْكَ بِمِائَةٍ وَأَقَامَ لَهُ الْبَيِّنَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ، وَقَالَ: لَمْ نَرْتَهِنْهُ، وَقَدْ قَبَضَا الثَّوْبَ فَجَحَدَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يُرَدُّ عَلَى الرَّاهِنِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ: مُحَمَّدٌ أَقْضِي بِهِ رَهْنًا، وَأَجْعَلُهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَوْ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ - الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>