بِبَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي بِالْكُلِّ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ جَعَلْتَهُ رَهْنًا إلَّا أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الشِّرَاءِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ دَلِيلُ سَبْقِ عَقْدِهِ، وَلِأَنَّ صَاحِبَ الشِّرَاءِ يَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى ذِي الْيَدِ، وَبَيِّنَتُهُ لَا تُوجِبُ ذَلِكَ.
وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ، وَالْهِبَةَ فَالصَّدَقَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ ثُمَّ الرَّهْنُ عَقْدُ ضَمَانٍ، وَالْهِبَةُ، وَالصَّدَقَةُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، وَعَقْدُ الضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ فَكَانَ صَاحِبُ الرَّهْنِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْقَبْضَ بِعِلْمِ الْبَيِّنَةِ، وَالصَّدَقَةُ كَانَتْ مِنْهُ قَبْلَ الرَّهْنِ.
وَإِذَا اسْتَوْدَعَ رَجُلًا ثَوْبًا ثُمَّ رَهَنَهُ إيَّاهُ فَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فَهُوَ فِيهِ مُؤْتَمَنٌ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِ الْمُودَعِ فَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يُثْبِتُ حُكْمَ يَدِ الرَّهْنِ لَهُ وَلِأَنَّ الْيَدَ بِحُكْمِ الْوَدِيعَةِ دُونَ الْيَدِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، وَالْأَضْعَفُ لَا يَنُوبُ عَنْ الْأَقْوَى فَإِذَا لَمْ يَصِرْ قَابِضًا لَهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ بَقِيَ مُؤْتَمَنًا فِيهِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِالرَّهْنِ، وَهَلَكَ بَعْد ذَلِكَ، وَأَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هَلَكَ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ لِلرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِبَيِّنَةِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ، وَلِأَنَّ الْمُودِعَ بِبَيِّنَةٍ يَبْقَى قَبْضُهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، وَلَا يُثْبِتُ شَيْئًا وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ دُونَ النَّفْيِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ فَقَالَ: الرَّاهِنُ هَلَكَ فِي يَدِكَ، وَقَالَ: الْمُرْتَهِنُ بَلْ قَبَضْتَهُ أَنْتِ مِنِّي بَعْدَ الرَّهْنِ فَهَلَكَ فِي يَدِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِرْدَادًا عَارِضًا وَهُوَ يُنْكِرُ، وَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ وَالْعَمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ مُمْكِنٌ فَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّهُ اسْتَرَدَّهُ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ قَالَ: الْمُرْتَهِنُ هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِإِنْكَارِ الْقَبْضِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ لِإِثْبَاتِهِ إيفَاءَ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ.
وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُهُ بِمِائَةٍ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: بِمِائَتَيْنِ، وَقَدْ قَبَضْتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ مِمَّا ثَبَتَتْ لَهُ فِيهِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ لِإِثْبَاتِهِ زِيَادَةً فِي الْإِيفَاءِ.
وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، وَقَبَضْتَهُمَا، وَقَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ أَحَدَهُمَا بِعَبْدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ عَبْدًا وَالدَّيْنُ أَلْفٌ فَذَهَبَتْ عَيْنُ الْعَبْدِ وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِإِنْكَارِهِ حَقًّا لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَحَدِهِمَا، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ لِإِثْبَاتِهِ الزِّيَادَةَ فِي حَقِّهِ.
وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا، وَالدَّيْنُ أَلْفًا فَذَهَبَتْ عَيْنُ الْعَبْدِ، وَهُوَ يُسَاوِي أَلْفًا فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ هَذِهِ قِيمَتِهِ يَوْمَ رَهَنْتُكَ فَقَدْ ذَهَبَ نِصْفُ حَقِّكَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَمِائَةٍ يَوْمَئِذٍ، وَإِنَّمَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَهَبَ رُبْعُ حَقِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute