للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ عَلَى أُمِّهَا فَإِنْ وَلَدَتْ الْبِنْتُ بِنْتًا، وَمَاتَتْ الْبِنْتُ الْأُولَى سَعَتْ السُّفْلَى فِي خَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا مِائَةً؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الْأُولَى، وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلْأُولَى فِي حُكْمِ هَذِهِ السِّعَايَةِ فَإِنَّهَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِحُكْمِ الرَّهْنِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّهْنِ بِنْتًا ثُمَّ وَلَدَتْ الْبِنْتُ بِنْتًا، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ دَبَّرَهُنَّ جَمِيعًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَالْبِنْتُ، الْآنَ كَانَ عَلَى السُّفْلَى أَنْ تَسْعَى فِي نِصْفِ الدَّيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِالْوُسْطَى، وَقَدْ طَعَنَ عِيسَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَسْعَى فِي ثُلُثِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَابِضِ لِلْوُسْطَى بِالتَّدْبِيرِ، وَكَيْفَ لَا تُحْتَسَبُ بِهَا وَقَدْ صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْفِكَاكِ وَالسُّفْلَى تَابِعَةٌ لِلْأُمِّ كَالْأُولَى فَانْقَسَمَ الدَّيْنُ عَلَيْهِنَّ أَثْلَاثًا ثُمَّ بِالتَّدْبِيرِ أَخْرَجَهُنَّ مِنْ الرَّهْنِ، فَيَتَقَرَّرُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا كَانَ فِيهَا، وَهُوَ ثُلُثُ الدَّيْنِ فَعَلَى السُّفْلَى السِّعَايَةُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ خَاصَّةً، وَلَا تَأْوِيلَ لِجَوَابِ مُحَمَّدٍ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) سِوَى أَنَّهُ ذَهَبَ بِالدَّيْنِ إلَى أَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا دَبَّرَ الْأُمَّ وَالسُّفْلَى دُونَ الْوُسْطَى، فَلِهَذَا قَالَ: لَا يُحْتَسَبُ بِالْوُسْطَى.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ بَنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ ثُمَّ دَبَّرَ السُّفْلَى ثُمَّ عَلَّلَ، فَقَالَ: لِأَنِّي لَا أَحْتَسِبُ بِالْوُسْطَى إذَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا التَّدْبِيرُ، فَهَذَا يَتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَا إذَا لَمْ يُدَبِّرْ الْوُسْطَى، فَأَمَّا إذَا دَبَّرَهُنَّ جَمِيعًا فَالْجَوَابُ، كَمَا قَالَ عِيسَى وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّهْنِ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ دَبَّرَهُمَا فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالسِّعَايَةِ فِي نِصْفِ الْأَلْفِ فَبِمَوْتِ الْأُمِّ لَا يَتَحَوَّلُ شَيْءٌ مِنْ سِعَايَتِهَا إلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْبِنْتُ سَعَتْ الْأُمُّ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا وَهَذَا التَّفْرِيعُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي نُسَخِ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي (الْمُخْتَصَرِ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ غَلْقٌ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْفِكَاكِ فَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا يَتَحَوَّلُ مَا كَانَ مِنْهَا مِنْ السِّعَايَةِ إلَى الْأُمِّ وَإِنَّمَا عَلَيْهَا السِّعَايَةُ فِي مِقْدَارِ الْخَمْسِمِائَةِ، وَإِنْ صَحَّ هَذَا فَوَجْهُهُ أَنَّ الْأُمَّ فِي الْأَصْلِ كَانَتْ مَرْهُونَةً بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَتَمَامُ الْفِكَاكِ فِي الْوَلَدِ لَا يَحْصُلُ بِالتَّدْبِيرِ، وَإِنَّمَا تَمَامُ الْفِكَاكِ بِوُصُولِ حِصَّةِ الْوَلَدِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ عَلَى الْأُمِّ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي اسْتِسْعَاءِ الْأُمِّ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ كَانَ ثَابِتًا وَالرَّاهِنُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ ذَلِكَ الْحَقِّ بِتَدْبِيرِ الْوَلَدِ؛ فَلِهَذَا سَعَتْ لَهُ فِي الْأَلْفِ كُلِّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَالْبِنْتُ مَا كَانَتْ مَرْهُونَةً بِجَمِيعِ الْأَلْفِ قَطُّ، فَلَا تَجِبُ عَلَى الْبِنْتِ السِّعَايَةُ إلَّا فِي مِقْدَارِ مَا كَانَتْ مَرْهُونَةً بِهِ.

وَلَوْ رَهَنَ أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ إلَى أَجَلٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَدَبَّرَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ وَهُوَ مُوسِرٌ ضَمِنَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>