عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِيفَاءُ، فَلَا يُعْتَبَرُ، وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ غَيْرُ مُفِيدٍ اعْتِبَارُهَا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْقُطَ مَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي أَحَدِهِمَا أَمَّا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إذَا جُعِلَ فَائِتًا لَا إلَى بَدَلٍ.
وَأَمَّا الْجَانِي إذَا أُقِيمَ مَقَامَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ، فَإِنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ يَصِيرُ تَاوِيًا، وَإِذَا كَانَ اعْتِبَارُ الْجِنَايَةِ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُهَا فِي حَقِّهِ كَانَ هَدَرًا، وَكَذَلِكَ جِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ لَوْ اُعْتُبِرَتْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ الرَّاهِنِ، فَالْمُرْتَهِنُ يَتَصَوَّرُ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُعْتَبَرْ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ دَيْنِهِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ سَقَطَ بَعْضُ دَيْنِهِ فَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ.
وَأَمَّا جِنَايَةُ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَفِيهِ تَوْفِيرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَبَرَةً كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَائِتًا لَا إلَى بَدَلٍ فَيَسْقُطُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ دَفَعَ الْجَانِي بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَيَتَحَوَّلُ مَا كَانَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْجَانِي؛ لِفَوَاتِ الْمَشْغُولِ إلَى خَلْفٍ، فَإِذَا ظَهَرَ اعْتِبَارُ جِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ قَامَ هَذَا الرُّبْعُ مِنْ الْجَانِي مَقَامَ ذَلِكَ الرُّبْعِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَتَحَوَّلُ مَا كَانَ فِيهِ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ إلَى الْجَانِي وَقَدْ كَانَ فِيهِ خَمْسُمِائَةٍ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، فَتَجْتَمِعُ فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَيَسْقُطُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ حِصَّةُ جِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ هَدَرٌ، فَيَكُونُ كَالْهَالِكِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ
وَإِذَا أَرَدْتَ اخْتِصَارَ هَذَا الْكَلَامِ قُلْتَ السَّبِيلُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مِقْدَارِ الْفَارِغِ مِنْ الْجَانِي، فَيَتَحَوَّلُ مِمَّا كَانَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَدْرُ ذَلِكَ إلَى الْجَانِي إنْ كَانَ نِصْفًا فَالنِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَالثُّلُثُ وَإِنْ كَانَ رُبْعًا فَالرُّبْعُ، وَإِنْ كَانَ عُشْرًا فَالْعَشْرُ وَأَبُو يُوسُفَ يَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ حُكْمًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْجَانِي كَذَلِكَ يَجُوزُ إثْبَاتُهُ قَصْدًا وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ لِأَنَّا إنَّمَا لَمْ نُجَوِّزْ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ لِمَعْنَى الشُّيُوعِ بِاعْتِبَارِ تَفَرُّقِ التَّسْمِيَةِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ هُنَا، وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَلَكِنْ فَقَأَ عَيْنَهُ كَانَ الْبَاقِي سِتَّمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَالْمَفْقُوءُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ بِذَهَابِ الْعَيْنِ الْمَفْقُوءَةِ تَلِفَ نِصْفُ نِصْفِهِ، وَبَقِيَ النِّصْفُ، فَإِنَّمَا يَبْقَى فِيهِ نِصْفُ مَا كَانَ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَاَلَّذِي كَانَ فِي الْعَيْنِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَنِصْفُ الْجَانِي فَارِغٌ فَيَتَحَوَّلُ بِحِسَابِ ذَلِكَ إلَى الْجَانِي بِاعْتِبَارِ جِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَيَسْقُطُ نِصْفُهُ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ، فَيُجْمَعُ فِي الْفَاقِئِ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا يَفْتَكُّهُمَا إلَّا جَمِيعًا؛ لِاتِّحَادِ الْعَقْدِ فِيهِمَا وَلَوْ أَنَّ الْمَفْقُوءَةَ عَيْنُهُ فَقَأَ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْنَ الْفَاقِئِ بَقِيَ فِي الْفَاقِئِ الْأَوَّلِ ثَلَثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفُ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ فَاتَ بِفَقْءِ الْعَيْنِ، وَقَدْ كَانَ الدَّيْنُ فِيهِ سِتَّمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَبَعْدَ فَوَاتِ النِّصْفِ إنَّمَا يَبْقَى فِيهِ نِصْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute