الْمَشْغُولِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَدُ الْقَاتِلَةِ بَطَلَ عَنْهَا مِنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ اثْنَانِ، وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا لَمَّا مَاتَ فَقَدْ بَطَلَ الِانْقِسَامُ فِيمَا كَانَ فِيهَا وَتَبَيَّنَ أَنَّ نِصْفَهَا كَانَ مَشْغُولًا، وَنِصْفَهَا فَارِغٌ فَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ مِنْ الْمَقْتُولَةِ إلَيْهَا بِقَدْرِ الْفَارِغِ وَذَلِكَ: مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَسَقَطَ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَقَدْ كُنَّا أَسْقَطْنَا اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَنِصْفًا، فَسَقَطَ مِثْلُ ذَلِكَ لِيَكُونَ السَّاقِطُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَإِنْ مَاتَتْ بِنْتُ الْجَارِيَةِ الْمَقْتُولَةِ لَزِمَ الْقَاتِلَ مِنْ الْجِنَايَةِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ انْقِسَامِ الدَّيْنِ بَيْنَ الْمَقْتُولَةِ، وَوَلَدِهَا حِينَ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَبَيَّنَ أَنَّ جَمِيعَ الْخَمْسِمِائَةِ كَانَ فِيهَا، وَأَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ سَقَطَ، وَتَحَوَّلَ نِصْفُهُ إلَى الْقَاتِلَةِ، وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، فَلِهَذَا كَانَتْ الْقَاتِلَةُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةِ وَخَمْسِينَ، وَالْوَلَدَانِ لَمَّا مَاتَا فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا أَصْلًا
وَلَوْ كَانَ الْوَلَدَانِ جَنَيَا فَافْتَكَّهُمَا الرَّاهِنُ رَدَّ عَلَى مَوْلَى الْمَقْتُولَةِ اثْنَيْنِ، وَسِتِّينَ وَنِصْفًا مِقْدَارَ مَا صَارَ قَابِضًا مِنْ دَيْنِهِ بِمِلْكِهِ وَدَفَعَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْقَاتِلَةِ كُلِّهَا إلَّا نِصْفَ ثَمَنِهَا أَوْ فَدَى بِتِسْعِمِائَةٍ، وَسَبْعَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّ الْوَاصِلَ إلَى مَوْلَى الْمَقْتُولِ اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ، وَذَلِكَ: نِصْفُ ثُمُنِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْأَلْفِ قِيمَةُ الْمَقْتُولَةِ، وَثُمُنُ الْأَلْفِ: مِائَةٌ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَنِصْفُ ثُمُنِهَا: اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَنِصْفٌ؛ فَلِهَذَا يَحُطُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ عَنْ مَوْلَى الْقَاتِلَةِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فِيمَا بَقِيَ.
وَإِذَا رَهَنَ أَمَتَيْنِ بِأَلْفٍ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، فَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ قَتَلَ أُمَّهُ لَمْ يَلْحَقْهُ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ، وَذَهَبَتْ الْأُمُّ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، كَأَنَّهَا مَاتَتْ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ انْقَسَمَ عَلَيْهَا، وَعَلَى وَلَدِهَا نِصْفَيْنِ وَلَكِنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهَا وَهُوَ تَابِعٌ لَهَا فِي حُكْمِ الرَّهْنِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنَّ اعْتِبَارَ الْجِنَايَةِ لَحِقَ الْمُرْتَهِنَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، فَيَجْعَلُ جِنَايَةَ الْوَلَدِ عَلَيْهَا فِي حُكْمِ الرَّهْنِ كَجِنَايَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَلَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا كَانَ ذَلِكَ وَمَوْتُهَا سَوَاءً، فَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَهَا وَلَدُهَا فَيَسْقُطُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الَّتِي قَتَلَتْ وَلَدَهَا، أَوْ فَقَأَتْ عَيْنَهُ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ قَتَلَ الْوَلَدَ الْآخَرَ كَانَتْ أُمُّ الْمَقْتُولِ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْقَاتِلِ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ الْقَاتِلِ وَأُمُّهُ رَهْنٌ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ هَذِهِ وَلَكِنَّهُ أَبْهَمَ الْجَوَابَ هُنَاكَ، فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ، وَهُنَا بَيَّنَ التَّقْسِيمَ فِي الْقَاتِلِ، وَجْهُ مَا ذَكَرْنَا هُنَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ تَبَعٌ لِأُمِّهِ، فَالنِّصْفُ مِنْهُ تَبَعٌ لِلنِّصْفِ الْفَارِغِ، وَالنِّصْفُ تَبَعٌ لِلنِّصْفِ الْمَشْغُولِ وَقَدْ انْقَسَمَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهَا، وَعَلَى وَلَدِهَا نِصْفَيْنِ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْقَاتِلِ فَارِغٌ وَرُبْعُهُ مَشْغُولٌ
وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute