للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِيرَ مُوفِيًا جَمِيعَ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) إنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَالثَّانِي: رَهْنٌ بِنِصْفِ الْمَالِ وَالْأَوَّلُ: رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ؛ لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْ الثَّانِي بِأَنْ يَكُونَ رَهْنُهُ زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ الْأَوَّلِ حِينَ عَلِمَ بِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمَدْيُونَ رَهَنَ مَتَاعَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِأَنْ رَهَنَ بِهِ مَتَاعًا آخَرِ لَهُ فَقَدْ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ) قَالَ: إنْ هَلَكَ رَهْنُ الْمَطْلُوبِ هَلَكَ جَمِيعُ الدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَ رَهْنُ الْمُتَبَرِّعِ هَلَكَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْمَطْلُوبِ صَارَ مَضْمُونًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَالْمُتَبَرِّعُ لَا يَمْلِكُ فَيُعْتَبَرُ مُوجَبُ عَقْدِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا رَهْنُ الْمُتَبَرِّعِ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي رَهْنِ الْمَطْلُوبِ، فَيَكُونُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ.

وَلَوْ رَهَنَهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا دِينَارًا يُسَاوِي عَشَرَةً ثُمَّ رَخُصَ الْوَرِقُ، فَصَارَتْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ، فَهَلَكَ الدِّينَارُ فَإِنَّمَا يَهْلَكُ بِالْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَةَ قِيمَةُ الرَّهْنِ حِينَ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ.

وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَرَهَنَ لَهُ دِينَارًا يُسَاوِي عَشَرَةً ثُمَّ غَلَا الْوَرِقُ فَصَارَتْ خَمْسَةً بِدِينَارٍ، ثُمَّ رَهَنَهُ دِينَارًا آخَرَ جَمِيعًا رُهِنَ بِالْعَشَرَةِ فَإِنْ هَلَكَ الدِّينَارُ الْأَوَّلُ ذَهَبَ بِثُلُثَيْ الْعَشَرَةِ، وَإِنْ هَلَكَ الْآخَرُ ذَهَبَ بِثُلُثِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِانْقِسَامِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَ ثَبَتَ حُكْمُ الرَّهْنِ فِيهِ.

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَرَهَنَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْهَا عَبْدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ زَادَهُ أَمَةً رَهْنًا بِالْأَلْفِ كُلَّهَا تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ بِنْتًا تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ، وَالْأُمَّةُ بَقِيَ الْوَلَدُ بِسُدُسِ الْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِهَا، وَبِثُلُثِ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْأَمَةِ رَهْنٌ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهَا زِيَادَةٌ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى فَتُقَسَّمُ تِلْكَ الْخَمْسُمِائَةِ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَقِيمَةِ نِصْفِ الْأَمَةِ، وَهُمَا سَوَاءٌ فَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ وَصَارَ فِي الْأَمَةِ نِصْفُ الْخَمْسُمِائَةِ الْأُولَى مَعَ الْخَمْسمِائَةِ الْأُخْرَى، فَلَمَّا وَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ انْقَسَمَ مَا فِيهَا عَلَى قِيمَتِهَا، وَعَلَى قِيمَةِ وَلَدِهَا أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا حِينَ رُهِنَتْ: أَلْفٌ، وَقِيمَةَ وَلَدِهَا: خَمْسُمِائَةٍ فَصَارَ فِي الْوَلَدِ ثُلُثُ الْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى وَسُدُسُ الْخَمْسِمِائَةِ الْأَوْلَى، فَيَبْقَى ذَلِكَ الْقَدْرُ بِبَقَاءِ الْوَلَدِ، وَيَسْقُطُ مَا سِوَى ذَلِكَ بِمَوْتِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ.

وَإِذَا ارْتَهَنَ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةِ وَهُوَ يُسَاوَى أَلْفًا ثُمَّ زَادَهُ الْمُرْتَهِنُ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ زَادَهُ الْآخَرُ أَمَةً رَهْنًا بِجَمِيعِ الْمَالِ فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ) تَكُونُ الْأَمَةُ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْمَالِ نِصْفُهَا مَعَ الْعَبْدِ فِي الْخَمْسِمِائَةِ الْأَوْلَى وَنِصْفُهَا بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُخْرَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) هُمَا جَمِيعًا يَكُونَانِ رَهْنًا بِالْأَلْفِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) يُجَوِّزُ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ، وَالدَّيْنِ وَهُمَا يُجَوِّزَانِ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ دُونَ الدَّيْنِ، فَلِهَذَا كَانَ الْعَبْدُ مَعَ نِصْفِ الْأَمَةِ رَهْنًا بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُولَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>