للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَلِأَنَّهُمَا مَالَانِ يُكْمِلُ نِصَابَ أَحَدِهِمَا بِمَا يُكْمِلُ بِهِ نِصَابَ الْآخَرِ فَيُكْمِلُ نِصَابَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَالسُّودِ مَعَ الْبِيضِ وَالنَّيْسَابُورِيّ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَعَ الْهَرَوِيِّ، وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّ نِصَابَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكْمُلُ بِمَالِ التِّجَارَةِ، وَهَذَا لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ صُورَةً فَفِي حُكْمِ الزَّكَاةِ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى يَتَّفِقَ الْوَاجِبُ فِيهِمَا فَيَتَقَدَّرُ بِرُبُعِ الْعُشْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ الْقَائِمَةُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِمَا فَإِذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا يُؤَدَّى فَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُؤَدِّي مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَمِنْ عَشْرَةِ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ رُبُعَ مِثْقَالٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُعَادَلَةِ وَالنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ ثُمَّ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ نُصُوصِ الزَّكَوَاتِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمِّ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَضُمُّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَهُ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَعَشْرَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَضُمُّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ وَعِنْدَهُمَا يَضُمُّ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ، وَقَدْ مَلَكَ نِصْفَ نِصَابِ أَحَدِهِمَا وَرُبُعَ نِصَابِ الْآخَرِ فَلَا يَجِبُ فِيهِمَا شَيْءٌ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ مَنْفَعَةُ الْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوِّمَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ.

وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي النُّقُودِ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّ سَائِرَ الْأَشْيَاءِ تُقَوَّمُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ لِلتَّقْوِيمِ عِبْرَةٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ هَهُنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: هُمَا عَيْنَانِ وَجَبَ ضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فَكَانَ الضَّمُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ كَمَالَ النِّصَابِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ دُونَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ أَجْنَاسٌ بِاعْتِبَارِ أَعْيَانِهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>