شَرِيكَانِ وَهُنَا أَضَافَ الشَّرِكَةَ إلَى الْمُضَارِبِ خَاصَّةً عَرَفْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّصِيبُ.
وَإِذَا دَفَعَ فِي مَرَضِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَأَجَّرَ مِثْلَ الْمُضَارِبِ أَقَلَّ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيمَا عَمِلَ وَعَلَى رَبّ الْمَالِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَا بِهِ فَلِلْمُضَارِبِ نِصْفُ الرِّبْحِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ دَيْنِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ قَدْ صَحَّ، فَنَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِرَبِّ الْمَالِ قَطُّ حَتَّى يَكُونَ إيجَابُهُ لِلْمُضَارِبِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَيَعْتَبِرُ مَا زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الرِّبْحِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَتَمَلَّكُ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا إنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا حَدَثَ ابْتِدَاءً، تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ بَعْضُ مَا يَحْدُثُ بِعَمَلِهِ، وَهُوَ يَمْلِكُ أَنْ يَجْعَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ لَهُ بِأَنْ يُقْرِضَهُ الْمَالَ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ رِبْحُهُ كُلُّهُ لَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ وَوَرَثَةِ الْمَرِيضِ عَلَيْهِ، فَلَأَنْ يَمْلِكَ جَعَلَ بَعْضَ الرِّبْحِ لَهُ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ أَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلْمُضَارِبِ رِبْحًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْمَرِيضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَضْرِبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لِيَسْتَحِقَّ التَّقْدِيمَ فِيهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.
وَلَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً إلَى مَرِيضٍ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ عُشْرَ الرِّبْحِ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَلِلْمُضَارِبِ عُشْرُ الرِّبْحِ، لَا يُزَادَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ جِهَتِهِ مَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَنَافِعِهِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ بِأَنْ عَمِلَ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُضَارَبَةِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْبِضَاعَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ سَبِيلٌ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دُونَ أَجْرِ مِثْلِهِ.
وَإِذَا أَرَادَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَرُدَّ عَبْدًا اشْتَرَاهُ بِالْعَيْبِ فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَ الْمُضَارِبِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَلَا عَرَضَهُ عَلَى بَيْعٍ مُنْذُ رَآهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ تَعَذَّرَ الرَّدُّ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى هَذَا النُّكُولِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْبُيُوعِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُلْزَمًا لِلْمُوَكِّلِ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ أَوْلَى. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُضَارِبُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَتَضَمَّنُ لُزُومَ الْبَيْعِ فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَائِهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ يَمْلِكُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقِيلَهُ الْعَقْدَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ ثَانِيًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ.
وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ الرِّضَا عَلَى الْآمِرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُضَارِبَ وَلَا رَبَّ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ دَعْوَى الرِّضَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا يُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ رَآهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute