وَاحِدِ مِنْهُمَا مَشْغُولٌ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَلَا فَضْلَ فِيهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ بِانْفِرَادِهِ فَدَعْوَتُهُ حَصَلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِعُقْرِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَعَلَيْهِ عُقْرُهَا لَمَّا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ بِالشُّبْهَةِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ وَوَلَدَهَا، فَقَدْ أُبْهِمَ الْجَوَابُ هُنَا وَهُوَ عَلَى التَّقْسِيمِ، فَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْوَطْءَ سَبَقَ شِرَاؤُهُ، فَلَا يُوجَبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ لِلْمُضَارَبَةِ.
وَإِنْ كَانَتْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ فَعَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مَا لَمْ يَسْتَوْفِ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ عُقْرَهَا، فَإِنْ اسْتَوْفَى عُقْرَهَا وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَحْسُوبٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَإِنَّمَا يَبْقَى مِنْ رَأْسِ مَالِهِ تِسْعُمِائَةٍ، وَفِي قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَضْلٌ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ، ثُمَّ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ تِسْعَمِائَةٍ تَمَامَ رَأْسِ مَالِهِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا مِمَّا بَقِيَ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الِاسْتِيلَادِ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَلِهَذَا لَا يُعْتَمَدُ الصُّنْعُ، فَإِذَا غَرِمَ لَهُ تِسْعَمِائَةٍ فَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ تَمَامُ رَأْسِ مَالِهِ، وَصَارَتْ الْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ قِيمَتِهَا رِبْحًا بَيْنَهُمَا فَيَغْرَمُ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا.
وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ رِبْحٌ كُلُّهُ، وَيُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ وَهُوَ النِّصْفُ وَيُسْتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتِقِ لَهُ، وَضَمَانُ الْإِعْتَاقِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالصُّنْعِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ هُنَا حُكْمًا لِظُهُورِ الْفَضْلِ فِي قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُبَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَسْتَوْفِ رَبُّ الْمَالِ عُقْرَهَا حَتَّى زَادَتْ الْجَارِيَةُ فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ الْفَضْلُ فِي قِيمَتِهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَيَمْلِكُ الْمُضَارِبُ حِصَّتَهُ مِنْهَا، وَهُوَ الرُّبْعُ فَتَصِيرُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ نَسَبَ الْوَلَدَ، قَدْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَالْإِقْرَارُ بِالِاسْتِيلَادِ إذَا حَصَلَ قَبْلَ الْمِلْكِ يُوقَفُ عَلَى ظُهُورِ الْمِلْكِ فِي الْمَحِلِّ، وَبَعْدَ الْمِلْكِ يَصِيرُ كَالْمُجَدِّدِ لَهُ، ثُمَّ الِاسْتِيلَادُ لَا يَحْتَمِلُ الْوَصْفَ بِالتَّحَرِّي فِي الْمَحِلِّ فَصَارَ هُوَ مُتَمَلِّكًا نَصِيبَ رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا: أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، أَلْفٌ رَأْسُ مَالِهِ، وَخَمْسُمِائَةٍ رِبْحٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ رَقِيقٌ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ مَا عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ، أَوْ يَأْخُذْ رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ ابْنَ الْمُضَارِبِ، وَيُعْتَقُ مِنْهُ رُبْعُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ الْفَضْلُ فِي قِيمَتِهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَمَلَكَ الْمُضَارِبُ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَذَلِكَ رُبْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute