للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِفَسَادِ الرِّقِّ فِيهِ حِينَ زَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ فَيُعْتَقُ لِذَلِكَ، وَيَسْعَى الْغُلَامُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِرَبِّ الْمَالِ.

وَرُبْعُهَا لِلْمُضَارِبِ، فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُضَارِبَ كَاذِبٌ، وَأَنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكٌ لَهُمَا عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَالْمُضَارِبُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ، قُلْنَا: نَعَمْ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ فِي الظَّاهِرِ مُشْتَرًى عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَبِاعْتِبَارِ هَذَا الظَّاهِرِ يَكُونُ الْمُضَارِبُ مُقِرًّا بِفَسَادِ الرِّقِّ فِيهِ، وَرَبُّ الْمَالِ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ إقْرَارِ الْمُضَارِبِ فِيهِ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِهِ، فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَحَدُهُمَا مُقِرٌّ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ فِي نَصِيبِهِ.

وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا ابْنُك، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ هَذَا ابْنُك، وَقَالَ صَدَقْت فَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمُضَارِبِ، أَمَّا إذَا قَالَ صَدَقْت فَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ الْمَعْرُوفَ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: بَلْ هُوَ ابْنُك فَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ فَالْمُضَارِبُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ ابْنَهُ، أَوْ ابْنَ رَبِّ الْمَالِ، ثُمَّ كَانَ رَبُّ الْمَالِ شَاهِدًا عَلَى الْمُضَارِبِ لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ وَالنَّسَبِ، وَبِشَهَادَةِ الْفَرْدِ لَا تَتِمُّ الْحُجَّةُ؛ فَلِهَذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُضَارِبِ، وَعَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّ رَأْسَ الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ الْمُضَارِبُ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ؛ فَلِهَذَا يَفْسُدُ الرِّقُّ فِيهِ بِإِقْرَارِ الْمُضَارِبِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا، فَقَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: هُوَ ابْنُك وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ فَالْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ حِينَ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، فَلَا يَفْسُدُ الرِّقُّ فِيهِ بِإِقْرَارِهِ، وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى زَادَ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ عَتَقَ لِإِقْرَارِ الْمُضَارِبِ أَنَّهُ ابْنُ رَبِّ الْمَالِ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، فَيَصِيرُ كَالْمُجَدِّدِ لِإِقْرَارِهِ بَعْدَ مَا ظَهَرَ الْفَضْلُ فِي قِيمَتِهِ، فَيَفْسُدُ الرِّقُّ فِيهِ لِذَلِكَ، وَيَسْعَى فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّاهِدِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالْعِتْقِ، أَوْ فَسَادُ الرِّقِّ فِيهِ كَانَ حُكْمًا عِنْدَ ظُهُورِ الْفَضْلِ فِيهِ، فَلَا يُوجَبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ السِّعَايَةِ؛ فَلِهَذَا يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: صَدَقْت وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَالْغُلَامُ لِلْمُضَارِبِ، وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ.

وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ كَذَبْت، وَلَكِنَّهُ ابْنُك فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، إذْ لَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>