الْمُسَاوَمَةِ الثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ، وَالْمِلْكُ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ أَصْلُ الثِّيَابِ، وَالصَّبْغُ الْقَائِمُ فِيهَا فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ جُمْلَةً عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ غَيْرِ مَصْبُوغَةٍ، وَعَلَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهَا، فَمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الثِّيَابِ فَهُوَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ يُعْطَى مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الشَّرْطِ، وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الصَّبْغِ يُعْطَى مِنْهُ أَجْرُ الصَّبَّاغِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ حِصَّةِ الِاسْتِدَانَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ ثِيَابًا، وَاسْتَقْرَضَ عَلَى الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَى بِهَا زَعْفَرَانًا فَصَبَغَ بِهِ الثِّيَابَ، ثُمَّ بَاعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَعَلَى مَا اسْتَقْرَضَ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا: عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْهَا مَالُ الْمُضَارَبَةِ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَسَهْمٌ لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ مَا اسْتَقْرَضَ كَانَ عَلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَمَا اشْتَرَى بِهِ مِنْ الزَّعْفَرَانِ مَمْلُوكٌ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا إذَا صَبَغَ الثِّيَابَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَالِ بِرَأْيِهِ، وَالثَّمَنُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَقْسُومٌ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا: عَشَرَةُ أَسْهُمٍ حِصَّةُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَسَهْمٌ حِصَّةُ الصَّبْغِ وَهُوَ لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً، فَيَكُونُ بَدَلُهُ لَهُ.
وَلَوْ بَاعَهَا مُسَاوَمَةً قَسَمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الثِّيَابِ، وَعَلَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي الثِّيَابِ، فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الثِّيَابِ كَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الصَّبْغِ كَانَ لِلْمُضَارِبِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ الثَّمَنَ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ، فَإِنَّمَا يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ.
وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الزَّعْفَرَانَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً فَصَبَغَ الثِّيَابَ بِهِ، كَانَ هَذَا وَاَلَّذِي كَانَ اسْتَأْجَرَ الصَّبَّاغُ بِمِائَةٍ لِيَصْبُغَهَا سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الزَّعْفَرَانِ بِالنَّسِيئَةِ اسْتِدَانَةٌ، فَيَنْفُذُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَلَى الْمُسْتَدِينِ، وَيَكُونُ الصَّبْغُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَهُوَ وَمَسْأَلَةُ اسْتِئْجَارِ الصَّبَّاغِ لِنِصْفِهَا سَوَاءٌ.
وَلَوْ خَرَجَ الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ إلَى مِصْرٍ فَاشْتَرَى بِهَا كُلِّهَا ثِيَابًا ثُمَّ، اسْتَكْرَى عَلَيْهَا بِغَالًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَجَعَلَهُ إلَى مِصْرِهِ، فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ مِمَّا جَرَى الرَّسْمُ بِهِ بَيْنَ التُّجَّارِ بِإِلْحَاقِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْبُيُوعِ إنَّمَا جَرَى الْعُرْفُ بِهِ بَيْنَ التُّجَّارِ فِي إلْحَاقِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِهِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَعَلَى هَذَا أَجْرُ السِّمْسَارِ، فَإِنْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَانَتْ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا عَشَرَةُ أَسْهُمٍ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا، وَحِصَّةُ الْكِرَاءِ سَهْمٌ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَقْسُومٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ الَّتِي غَرِمَهَا فِي شِرَاءِ الثِّيَابِ، وَالْمِائَةُ الَّتِي غَرِمَهَا فِي الْكِرَاءِ، فَإِذَا جَعَلْتَ كُلَّ مِائَةٍ سَهْمًا، كَانَ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا: سَهْمٌ مِنْ ذَلِكَ حِصَّةُ الْكِرَاءِ وَهُوَ اسْتِدَانَةٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَلَوْ بَاعَهَا مُسَاوَمَةً كَانَ جَمِيعُ الثَّمَنِ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الشَّرْطِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي بَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute