للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْدُثُ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ عُرُوقٍ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ، ثُمَّ وَقَعَتْ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ فَتَعَلَّقَ حَقُّ مَصَارِفِ الْخُمْسِ بِتِلْكَ الْعُرُوقِ فَيَثْبُتُ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَكَانَ هَذَا وَالْكَنْزُ سَوَاءً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ يَسْتَوِي إنْ كَانَ الْوَاجِدُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخُمْسُ وَالْبَاقِي يَكُونُ لِلْوَاجِدِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ أَوْ أَرْضِ الْخَرَاجِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا الْمَالِ كَاسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ وَلِجَمِيعِ مَنْ سَمَّيْنَا حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ إمَّا سَهْمًا وَإِمَّا رَضْخًا فَإِنَّ الصَّبَّ وَالْعَبْدَ وَالذِّمِّيَّ وَالْمَرْأَةَ يَرْضَخُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا وَلَا يَبْلُغُ بِنَصِيبِهِمْ السَّهْمَ تَحَرُّزًا عَنْ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ، وَهُنَا لَا مُزَاحِمَ لِلْوَاجِدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى يُعْتَبَرَ التَّفَاضُلُ فَلِهَذَا كَانَ الْبَاقِي لَهُ. وَاَلَّذِي رَوَى أَنَّ عَبْدًا وَجَدَ جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَدَّى ثَمَنَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ وَجَعَلَ مَا بَقِيَ مِنْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، تَأْوِيلُهُ أَنَّهُ كَانَ وَجَدَهُ فِي دَارِ رَجُلٍ فَكَانَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ فَلِهَذَا صَرَفَهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَرَأَى

الْمَصْلَحَةَ

فِي أَنْ يُعْطِيَ ثَمَنَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيُوَصِّلَهُ إلَى الْعِتْقِ وَأَمَّا الْجَامِدُ الَّذِي لَا يَذُوبُ بِالذَّوْبِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا زَكَاةَ فِي الْحَجَرِ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ إذَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إذَا اسْتَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنِهِ فَكَانَ هَذَا أَصْلًا فِي كُلِّ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الذَّائِبُ الَّذِي لَا يَتَجَمَّدُ أَصْلًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ الْمَاءُ وَالنَّاسُ شُرَكَاءُ فِيهِ شَرْعًا، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكِلَاءِ وَالنَّارِ» فَمَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ يَفُورُ مِنْ عَيْنِهِ وَلَا يُسْتَخْرَجُ بِالْعِلَاجِ وَلَا يَتَجَمَّدُ كَانَ مُلْحَقًا بِالْمَاءِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ

(قَالَ): وَإِذَا عَمِلَ الرَّجُلُ فِي الْمَعَادِنِ يَوْمًا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ مِنْ الْغَدِ فَعَمِلَ فِيهَا حَتَّى أَصَابَ الْمَالَ أَخَذَ مِنْهُ خُمُسَهُ وَالْبَاقِي لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِدَ هُوَ الثَّانِي، وَالْمَعْدِنُ لِمَنْ وَجَدَهُ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَحَافِرٌ لِلْأَرْضِ لَا وَاجِدٌ لِلْمَعْدِنِ وَبِحَفْرِ الْأَرْضِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْدِنَ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ لَا لِمَنْ أَثَارَهُ، وَالْأَوَّلُ كَالْمُثِيرِ وَالثَّانِي كَالْآخِذِ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ لَهُ

(قَالَ): وَلَيْسَ فِي السَّمَكِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ يُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْعَنْبَرِ الْخُمُسُ، وَكَذَلِكَ فِي اللُّؤْلُؤِ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. أَمَّا السَّمَكُ فَهُوَ مِنْ الصَّيُودِ، وَلَيْسَ فِي صَيْدِ الْبَرِّ شَيْءٌ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ فَكَذَلِكَ فِي صَيْدِ الْبَحْرِ. وَأَمَّا الْعَنْبَرُ وَاللُّؤْلُؤُ فَقَدْ احْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا رُوِيَ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>