للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا وَصَفْنَا فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ، وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَلْعَهُ، وَقَالَ الْعَامِلُ: أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي لَهُ: أَنْفِقْ عَلَيْهِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ، وَعَلَيْك أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ، فَإِذَا اسْتُحْصِدَتْ أُخِذَتْ نِصْفَ النَّفَقَةِ مِنْ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُخْتَارُ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِقَصْدِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَصَاحِبُ الْأَرْضِ إذَا أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ مُتَعَنِّتًا، فَلَا يَلْتَفِتُ الْقَاضِي إلَى تَعَنُّتِهِ، وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ الْأَرْضَ بِزَرْعِهَا أَخَذَهَا كُلَّهَا، وَرَجَعَ الْعَامِلُ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، لِأَنَّهُ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَقَدْ حَصَلَ الْخَارِجُ ثُمَّ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ حِينَ اسْتَحَقَّ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ

وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا فِيهِ طَلْعُ كُفُرَّى عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ، وَيُلَقِّحَهُ، وَيَسْقِيَهُ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ وَقْتًا، أَوْ بَيَّنَ لَهُ وَقْتًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ الطَّلْعِ لِإِدْرَاكِ الثِّمَارِ نِهَايَةٍ مَعْلُومَةً بِطَرِيقِ الْعَادَةِ، وَالْمَعْلُومُ بِالْعَادَةِ كَالْمَشْرُوطِ بِالنَّصِّ، فَلَا يَضُرُّهُمَا تَرْكُ التَّوْقِيتِ ثُمَّ التَّمْرُ هُنَا يَحْصُلُ أَوْ يَزْدَادُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ، فَبِاعْتِبَارِهِ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا، كَمَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ قَبْلَ خُرُوجِ الطَّلْعِ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ بُسْرًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، وَانْقَضَى وَقْتُ الْمُعَامَلَةِ فَالْخِيَارُ فِي الْعَمَلِ إلَى الْعَامِلِ، أَوْ وَارِثِهِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَعْمَلَ خَيَّرَ صَاحِبَ النَّخْلِ بَيْنَ إحْدَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ هُنَا فِي الْجَوَابِ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَبَيْنَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ خَارِجٌ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ، فَالشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا تَحْصُلُ عَقِيبَ الْعَقْدِ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ رَبُّ النَّخْلِ الْأَجْرَ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، كَمَا لَا يُسْتَوْجَبُ عِنْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ، وَالْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى الْعَامِلِ إذَا اخْتَارَ التَّرْكَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ كَانَ عَلَى الدَّافِعِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ بِبَعْضِ مَا يَحْصُلُ بِعَمَلِهِ، وَقَدْ حَصَلَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ فَيَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّهُ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ مَا سَقَاهُ الْعَامِلُ، وَقَامَ عَلَيْهِ، وَأَنْفَقَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزْدَدْ شَيْئًا حَتَّى أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ عَلَى الدَّافِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَجْرَ عَمَلِهِ نِصْفُ مَا تَحَصَّلَ بِعَمَلِهِ مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ أَصْلِ ثَمَرَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ فَأَيْنَ ذَهَبَ قَوْلُكُمْ: إنَّ الشَّرِكَةَ تَحْصُلُ هُنَا عَقِيبَ الْعَقْدِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ فِيمَا يَحْصُلُ بِعَمَلِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ حَاصِلٌ قَبْلَ عَمَلِهِ تَابِعًا لَهُ فَأَمَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ الشَّرِكَةَ فِيمَا هُوَ حَاصِلٌ قَبْلَ عَمَلِهِ مَقْصُودًا فَلَا؛ لِأَنَّ جَوَازَ هَذَا الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ، وَلَوْ شَرَطَا هُنَاكَ الشَّرِكَةَ فِي النَّخِيلِ الْحَاصِلِ وَالثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الشَّرِكَةُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِعَمَلِهِ، فَإِذَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>