للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْعَمَلَ مَعَهُ كَانَ بَاطِلًا، وَالْمُزَارَعَةُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ صَحِيحَةٌ بِالثُّلُثِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ مَا شَرَطَ لِعَبْدِ الْعَامِلِ، فَهُوَ لِلْعَامِلِ سَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ، وَمَا شَرَطَ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ لِابْنِهِ أَوْ لِامْرَأَتِهِ فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ، وَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا شُرِطَ لَهُ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ، وَعَمِلَ مَعَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ؛ لِيَعْمَلَ مَعَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَفْسُدُ بَيْنَهُمَا؛ لِانْعِدَامِ التَّخْلِيَةِ حِينَ شَرَطَ عَمَلَ صَاحِبِ الْبَذْرِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَرْضِ مَعَ الْعَامِلِ الْآخَرِ، وَلَكِنَّهُمَا عَقْدَانِ مُخْتَلِفَانِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ فَبِفَسَادِ أَحَدِهِمَا لَا يَفْسُدُ الْآخَرُ، فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ الْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى عَمَلَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ ثُلُثُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ، وَثُلُثَا الزَّرْعِ طَيِّبٌ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ خُبْثٌ مِنْ جَانِبِ الْأَرْضِ، حَيْثُ صَحَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ فَيَطِيبُ لَهُ ثُلُثُ الرِّيعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ كَاشْتِرَاطِ بَقَرِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَعَبْدُ رَبِّ الْأَرْضِ إذَا كَانَ مَدْيُونًا بِمَنْزِلَةِ مُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ حَقُّ غُرَمَائِهِ، وَالْمَشْرُوطُ لَهُ لَا يَكُونُ مَشْرُوطًا لِمَوْلَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَالْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مَشْرُوطًا عَلَى مَوْلَاهُ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ بَيْنَ الْعَامِلِ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ بِثُلُثِ الْخَارِجِ كَمَا شُرِطَ لِرَبِّ الْأَرْضِ

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ ثُلُثَ الْخَارِجِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ ثُلُثُهُ، وَعَلَى أَنْ يَكْرُبَهَا، وَيُعَالِجَهَا بِبَقَرِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ ثُلُثَ الْخَارِجِ، فَرَضِيَ فُلَانٌ بِذَلِكَ، فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَقَرِ بِثُلُثِ الْخَارِجِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْبَقَرَ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا فِي الْمُزَارَعَةِ، فَكَانَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا فَاسِدًا، وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ بَقَرِهِ، فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ، وَثُلُثُ الْخَارِجِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ طَيِّبٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَسَادَ فِي الْعَقْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الثُّلُثَانِ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَاسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ مَقْصُودٌ بِثُلُثِ الْخَارِجِ، وَهُوَ فَاسِدٌ، وَلَوْ كَانَا اشْتَرَطَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ مَعَ بَقَرِهِ بِالثُّلُثِ حَتَّى اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ جَازَ، وَهُمَا مُزَارِعَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْبَقَرِ هُنَا تَبَعٌ لِعَمَلِ صَاحِبِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا جَوَازَ اشْتِرَاطِ الْبَقَرِ عَلَى الْعَامِلِ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>